حماة-سانا: في إطار التوجه العالمي نحو الزراعة المستدامة، تبرز مبيدات الترايكوديرما الحيوية كحل مبتكر وفعال لمكافحة الفطريات الضارة في التربة. يعتمد هذا الحل على آليات علمية متطورة تجمع بين التطفل والمنافسة وإفراز الإنزيمات المضادة. ينتج معمل حماة للمبيدات الحيوية هذا المبيد الحيوي بطاقة إنتاجية تصل إلى 15 طنًا سنويًا، ليصبح نموذجًا رائدًا في إنتاج تقنيات صديقة للبيئة.
أوضح المهندس شادي سليمان، رئيس دائرة الأعداء الحيوية في زراعة حماة، في تصريح لمراسل سانا، أن فاعلية الترايكوديرما تعتمد على أربع آليات رئيسية: "أولاً: التطفل، حيث يهاجم الفطر الفطريات المسببة للأمراض عن طريق اختراق جدرانها الخلوية وتدميرها من الداخل. ثانيًا: منافسة الفطريات على المساحة والموارد الغذائية. ثالثًا: التضاد الحيوي، حيث يفرز الفطر إنزيمات مضادة مثل الكيتيناز والجلوكاناز، التي تحطم جدران الخلايا الفطرية. رابعًا: الاستعمار السريع للتربة، مما يعزز الحماية طويلة الأمد للمحاصيل."
وأضاف سليمان أن للترايكوديرما فوائد جمة، تشمل معالجة التربة قبل الزراعة، ومعاملة الشتول بغمس جذورها في المعلق البوغي للترايكوديرما قبل نقلها إلى الحقل، وري الأشجار المثمرة بخلط المبيد مع مياه الري، خاصة في زراعات الزيتون والحمضيات. كما يستخدم لوقاية محاصيل مثل اليانسون والكمون من التعفنات الجذرية، مما يحسن جودة المنتج وقيمته التسويقية.
وأشار سليمان إلى أن المبيد يطبق حسب نسبة الإصابة، مع التركيز على معدل متوسط 2 كغ/دونم للمبيد الجاف، أو 2 لتر/دونم للمبيد السائل. وفي حالات الإصابة الشديدة، تزداد الجرعة إلى 3 كغ/دونم، مع تكرار التطبيق كل 15 يومًا خلال موسم النمو.
من جانبه، أوضح المهندس سامر إسماعيل، رئيس شعبة المبيدات في معمل حماة، مراحل الإنتاج قائلاً: "نبدأ بتحضير الوسط المغذي، حيث تُنقع حبوب القمح في الماء، ثم تُعقم في أجهزة الأوتوكلاف لضمان خلوها من الملوثات البكتيرية. تُعبأ الحبوب في أكياس حرارية خاصة، ثم يأتي دور التلقيح الفطري، حيث تُضاف أبواغ فطر الترايكوديرما النقية إلى الأكياس، وتُحضن في غرف مخصصة عند درجة حرارة 25°مئوية لمدة 15 يومًا لتكاثر الفطر. بعد ذلك، تأتي مرحلة استخلاص الأبواغ، حيث تُفصل أبواغ الفطر عن حبوب القمح عبر عمليات غربلة متعددة، وتُشكل الأبواغ في صورة مسحوق جاف أو سائل مركز، مع إضافة مواد مضافة لتعزيز ثباتها. وفي مرحلة مراقبة الجودة، تُختبر العينات للتأكد من نقاء السلالة وخلوها من الملوثات، باستخدام تقنيات متقدمة."
وعن الهيكل التنظيمي للمعمل، بين إسماعيل أنه يتألف من عدة أقسام متخصصة، هي قسم التعقيم، المزود بأجهزة الأوتوكلاف الحديثة، وقسم التخمير، الذي يحتوي على غرف تحضين ذات تحكم دقيق بالرطوبة والحرارة، وقسم التعبئة، الذي تُستخدم فيه خطوط أوتوماتيكية لتعبئة المبيد في عبوات مناسبة.
يُذكر أن اعتماد الترايكوديرما يساهم في خفض استهلاك المبيدات الكيماوية الفطرية بنسبة كبيرة، خاصة في محافظتي حماة والساحل، ويضمن تحسين جودة المحاصيل بنسبة تصل إلى 30 بالمئة مقارنة بالطرق التقليدية.