الأربعاء, 5 نوفمبر 2025 01:42 PM

جفاف يضرب لبنان: 60% من الآبار في البقاع وجبل لبنان تجفّ وسط تحذيرات من كارثة زراعية

جفاف يضرب لبنان: 60% من الآبار في البقاع وجبل لبنان تجفّ وسط تحذيرات من كارثة زراعية

ينتظر المزارعون موسم الأمطار كل عام لريّ محاصيلهم، ولكن تأخر هطول الأمطار هذا العام يهدد الموسم الزراعي ويستنزف المياه الجوفية. وفقًا لرئيس الاتحاد الوطني للفلاحين، إبراهيم الترشيشي، فإن المزارعين اعتادوا على التوقف عن استخدام وسائل الري مع نهاية شهر أيلول، حيث يبدأ موسم الأمطار في 5 تشرين الأول. لكن الجفاف الذي شهده المزارعون العام الماضي يتكرر هذا العام بسبب استمرار انحباس الأمطار.

نتيجة لذلك، يحجم المزارعون عن زراعة الحبوب، لأنها تعتمد على الأمطار ولا يمكن زراعتها في ظل الجفاف. وتشير المعطيات المناخية إلى أن لبنان مقبل على سنة جفاف جديدة، مما سيؤدي إلى استنزاف المياه الجوفية وخسائر زراعية كبيرة، بالإضافة إلى تقلص المساحات المزروعة وتدهور نوعية الإنتاج وانخفاض كمياته.

يحذر الترشيشي من التداعيات السلبية، والتي تشمل ارتفاع كلفة الإنتاج بسبب الاعتماد المتزايد على المياه الجوفية التي تتناقص بسبب شح الأمطار، وتدهور نوعية الإنتاج الزراعي وانخفاض كمياته، مما يرفع الكلفة الإنتاجية، وتضرر الأشجار المثمرة التي تحتاج إلى ريّ متواصل، خصوصاً في أشهر الخريف والشتاء، مما يتسبب في أمراض زراعية وتراجع في الإنتاج.

يوضح الترشيشي أن المعدل الطبيعي للأمطار كان يفترض أن يتجاوز 130 ملم حتى اليوم، بينما لا تتعدى الكمية المسجلة في منطقة تل عمارة 2 ملم فقط، وهو مؤشر خطير على الواقع البيئي والزراعي ومستقبل المياه الجوفية في سهل البقاع. والأخطر هو عدم وجود أي حل واضح لهذه المعضلة المناخية حتى الآن.

لا يزال المئات من المزارعين يروون أراضيهم من الآبار الجوفية بكِلف مالية غير معهودة، على حد قول رئيس نقابة مزارعي الخضار والفاكهة في البقاع الأوسط، عمر حاطوم، الذي يحذر من أن ذلك سيؤدي حتماً إلى تراجع المساحات الزراعية وتضرر آلاف الدونمات الزراعية وإلى ارتفاع الأسعار بشكل غير مسبوق، لافتاً إلى أن الأضرار ستكون مضاعفة عن السنة الماضية بسبب الاحتباس الحراري وشح الأمطار.

علمياً، يوضح البروفسور ناجي كعدي، الباحث والمحاضر في الهيدروجيولوجيا، أن لبنان يشهد واحدة من أكثر فترات الجفاف قسوة خلال العقدين الأخيرين، إذ انخفض معدل الهطول إلى مستويات غير مسبوقة في بعض المناطق. فبينما يبلغ المعدل السنوي الطبيعي للأمطار في لبنان بين 800 ملم و900 ملم كمعدل عام، سجلت بعض محطات الرصد في جبل لبنان والبقاع خلال الموسم الأخير أقل من 50% إلى 60% من مجموع المتساقطات المعتادة.

وينبه كعدي إلى أن هذا الانحباس المطوّل للأمطار يترك سلسلة من الآثار البيئية الخطيرة التي بدأت ملامحها تظهر بشكل واضح، خصوصاً في الغابات الصنوبرية والمياه الجوفية. ويشرح الوضع وفقاً للآتي:

  • على مستوى الغابات، تُعدّ أشجار الصنوبر، خصوصاً الصنوبر المثمر (Pinus pinea) والصنوبر البروتي (Pinus brutia)، من الأنواع الحسّاسة لنقص الرطوبة. ومع تراجع المتساقطات منذ شباط، انخفضت رطوبة التربة في كثير من الغابات إلى أقل من 15%. وهي نسبة تُعتبر حرجة وتُعرِّض الأشجار للإجهاد المائي الحاد. وقد يؤدي استمرار الجفاف إلى معدل نفوق قد يتجاوز 10 – 15% في بعض المناطق الجافة، مثل المتن وكسروان وبعض المرتفعات الساحلية.
  • تأثير انحباس الأمطار على المياه الجوفية خطير ومباشر، إذ يعتمد لبنان بشكل أساسي على تغذية المياه الجوفية عبر الأمطار الشتوية التي تتسرب في الصخور الكارستية. ومع تراجع الهطول بنسبة تجاوزت 50% في أماكن عدة، انخفض معدل تغذية المياه الجوفية بما يقارب 30% إلى 40%. هذا النقص بدأ يظهر فعلياً في جفاف عدد كبير من الآبار في البقاع وجبل لبنان، بما يتجاوز 60% منها.
  • ينعكس هذا الوضع أيضاً على الزراعة، إذ تضررت الأشجار المثمرة، خصوصاً الزيتون والكرز والمشمش، بسبب الإجهاد المائي خلال مرحلة التزهير. وتشير تقديرات أولية إلى أن الإنتاج قد ينخفض في موسم 2025 بنسبة 15% إلى 20% في بعض المناطق نتيجة نقص الرطوبة.
مشاركة المقال: