تتجه الأنظار إلى جولة مسقط المرتقبة وسط ترقب حذر، فهل تحمل في طياتها انفراجاً في الملف النووي الإيراني أم أنها ستكون الشرارة التي تشعل فتيل حرب جديدة في منطقة الشرق الأوسط؟
في الأيام الأخيرة، شهدت المنطقة تحولات استراتيجية متسارعة، وتراجعت الآمال المعلقة على إمكانية التوصل إلى اتفاق نووي بين الولايات المتحدة وإيران، وذلك على الرغم من تحديد يوم الأحد موعداً لانطلاق الجولة السادسة من المفاوضات غير المباشرة في مسقط، والتي ستجمع وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي والمبعوث الأميركي الخاص ستيف ويتكوف.
الرئيس الأميركي دونالد ترامب، وفي معرض تبريره لقرار إجلاء عائلات موظفي السفارات الأميركية في العراق والكويت والبحرين، بالإضافة إلى عائلات الجنود الأميركيين، أشار إلى أن الشرق الأوسط قد يتحول إلى "منطقة خطر" في الأيام القادمة. وتزامن هذا التصريح مع حضوره مسرحية "البؤساء" في واشنطن.
يشير الاستعجال الأميركي في إجلاء عائلات الدبلوماسيين والعسكريين إلى وجود معلومات لدى إدارة ترامب ترجح إقدام إسرائيل على شن ضربة عسكرية ضد المنشآت النووية الإيرانية في وقت قريب. هذا الاحتمال، بالإضافة إلى تصريح ترامب بتراجع ثقته في إمكانية التوصل إلى اتفاق مع إيران، يزيد من حدة التوتر.
تأتي هذه التطورات بعد رفض طهران للاقتراح الأميركي بوقف كامل لتخصيب اليورانيوم على الأراضي الإيرانية، وتقديمها اقتراحاً مضاداً يتمسك بالتخصيب باعتباره جزءاً من السيادة الوطنية. وعلى الفور، تحرك رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، واختصر جلسة محاكمته بقضايا الفساد لإجراء "مكالمة مهمة" مع ترامب، والتي تركزت حول الملف الإيراني.
نتنياهو كان قد أكد في السابق أن عدم التوصل إلى اتفاق مع إيران أفضل من "اتفاق سيئ" على غرار اتفاق 2015، وأن الحل الوحيد يكمن في تطبيق "النموذج الليبي"، أي التدمير الكامل للبرنامج النووي الإيراني.
الضغط على إيران لا يقتصر على إسرائيل وأميركا، فمجلس حكام الوكالة الدولية للطاقة الذرية اعتمد قراراً يدين "عدم امتثال" إيران لالتزاماتها النووية، في تحذير جديد قبل إحالة الملف إلى الأمم المتحدة.
بهذا، تضع أميركا وأوروبا وإسرائيل مهلة زمنية أمام القيادة الإيرانية لقبول اتفاق نووي جديد يحرمها حق التخصيب، وإلا فإنها ستواجه "مروحة واسعة من الخيارات"، بحسب قائد القيادة المركزية الأميركية الجنرال مايكل كوريللا، في إشارة إلى ضربة محتملة ضد إيران. كما نقلت "رويترز" عن مسؤول إيراني أن دولة "صديقة" في المنطقة حذرت طهران من ضربة عسكرية محتملة.
حتى الآن، تبدو إيران متمسكة بخطها الأحمر الذي رسمته منذ بداية المفاوضات. وزير الدفاع الإيراني عزيز نصير زادة حذر من أن كافة القواعد الأميركية ستكون "تحت مرمانا إذا فُرض علينا الصراع". وبدوره، حذر عراقجي الوكالة الدولية للطاقة الذرية من اتخاذ قرار يندد بإيران، مؤكداً أن طهران "سترد عليه بقوة".
في هذه الأيام الحاسمة، يرى العديد من المسؤولين الإسرائيليين أن هناك فرصة ذهبية لوضع حد لمشكلة عمرها عقود، مستندين إلى أن الضربات الإسرائيلية العام الماضي قد دمرت الدفاعات الجوية الإيرانية، وأن حلفاء طهران في المنطقة هم في أضعف حالاتهم. ومع ذلك، يحذر بعض المحللين من أن إيران رممت دفاعاتها، مما سيجعل أي هجوم إسرائيلي أكثر خطورة. كما أن قدرة إسرائيل على إلحاق خسائر حاسمة بالبرنامج النووي الإيراني دون مشاركة الولايات المتحدة تبقى غير واضحة.
السؤال المطروح: هل سيدافع ترامب عن إسرائيل بعد الضربة المحتملة، أم أنه سيشارك في تأجيج النيران في منطقة مشتعلة أصلاً، مع ما سيحمله ذلك من تداعيات عسكرية وسياسية واقتصادية بدأت بوادرها مع صعود برميل النفط إلى ما فوق 68 دولاراً؟