في محاولة لطمأنة المواطنين السوريين بشأن طرح الليرة الجديدة بعد حذف صفرين، أكد حاكم مصرف سوريا المركزي “عبد القادر حصرية” التزام المصرف باستبدال أي ورقة نقدية قديمة بأخرى جديدة خلال فترة الاستبدال المحددة بخمس سنوات.
وأوضح “حصرية” في لقاء أن المصرف المركزي اختار توقيتًا مناسبًا لإطلاق الإصلاح النقدي، معتبرًا ذلك مرتبطًا بالإنجاز السياسي الذي تحقق. وأشار إلى أن عملية الاستبدال ستتم على مراحل زمنية واضحة، تبدأ بمرحلة ما قبل الإطلاق، ثم فترة التعايش حيث يتم تداول العملتين معًا، وصولًا إلى مرحلة الاستبدال النهائي التي قد تستغرق خمس سنوات. وأكد أن أي شخص يمتلك ليرة قديمة سيتم استبدالها بليرة جديدة بشكل كامل.
وشدد “حصرية” على رفض أي إجراء يشبه الخصم القسري للديون، مؤكدًا أن الثقة هي أساس التجارة والاقتصاد، وأن اللجوء إلى مثل هذه الإجراءات قد يحقق أرباحًا مؤقتة ولكنه يدمر المستقبل ويقوض الثقة.
وأشار إلى التزام الدولة برد جميع الالتزامات المالية، وأن الحكومة تعمل على إعادة حقوق قديمة للمواطنين منذ عقود، سواء تلك المتعلقة بالتأمينات أو بقوانين الإيجار.
في المقابل، أقر “حصرية” بأن القيود الحالية على السحوبات المصرفية غير طبيعية، وأنها بدأت مع أزمة القطاع المصرفي في “لبنان” عام 2019، واستمرت حتى أصبحت قاعدة في الاقتصاد السوري. وأشار إلى أن المصرف المركزي في حوار مستمر مع المصارف المحلية للوصول إلى آلية تضمن حرية السحب دون قيود، مؤكدًا أن استمرار الوضع السابق غير اقتصادي ولا يمكن أن يستمر.
واعتبر حاكم المركزي أن العقوبات على سوريا كانت من أقسى العقوبات التي عرفها التاريخ، حيث قطعت البلاد عن النظام المالي العالمي وأدت إلى غياب أدوات أساسية مثل بطاقات الائتمان وخدمات الدفع الإلكتروني الدولية. وأشار إلى أن بعض الشركات العالمية لا تزال مترددة في العودة إلى العمل مع سوريا رغم رفع العقوبات، مما يضع القطاع المصرفي أمام تحدٍّ مزدوج بمواجهة نقص السيولة المحلية وصعوبة إعادة الاندماج مع النظام المالي الدولي.
وأكد أن إصدار العملة الجديدة يرتبط بقدرة المصرف على استعادة أدوات السياسة النقدية التي فقدها خلال السنوات الماضية، وأن الإصلاح النقدي ليس غاية في ذاته بل مدخل لإعادة الثقة وإحياء الدورة الاقتصادية، داعيًا المواطنين إلى الابتعاد عن السلوكيات الفردية التي قد تفاقم الأزمة مثل الاكتناز المفرط أو التوجه للعملات الأجنبية.
وكشف الحاكم عن تعاون فني مع صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، حيث تم الاتفاق على منحة بقيمة 147 مليون دولار لوزارة الطاقة السورية ستدخل حيز التنفيذ العام القادم.
من جهة أخرى، أكد أن تحويلات المغتربين أصبحت إحدى الأعمدة الأساسية التي يرتكز عليها المركزي، حيث بلغت تحويلات السوريين من الإمارات وحدها بين 700 و800 مليون دولار سنويًا.
وضمن إجراءات الإصلاح الاقتصادي، أعلن “حصرية” عن تأسيس هيئة ضمان الودائع، وإطلاق برامج لتعزيز الشمول المالي، منها إدخال خدمات الدفع الإلكتروني والحلول الرقمية وتأسيس مكتب للاستعلام الائتماني، وتوقع أن يشهد القطاع المصرفي السوري خلال 5 سنوات نموًا كبيرًا ليضم ما بين 30 إلى 35 مصرفًا.
يذكر أن حديث “حصرية” يأتي في وقتٍ يشهد فيه سعر صرف الليرة أمام الدولار تراجعًا ملحوظًا في السوق إلى 11580 ليرة بينما لا يزال السعر الرسمي عند حدود 11110 ليرة.