الإثنين, 28 أبريل 2025 04:44 PM

حرب التعريفات الجمركية: هل تغرق المنتجات الصينية الأسواق الأوروبية وتهدد الشركات؟

حرب التعريفات الجمركية: هل تغرق المنتجات الصينية الأسواق الأوروبية وتهدد الشركات؟

تتصاعد حدة التوتر في العلاقات الاقتصادية بين الولايات المتحدة والصين، مع احتدام حرب التعريفات الجمركية وتبادل الإجراءات المضادة. فقد فرضت واشنطن رسوماً إضافية على السلع الصينية تصل إلى 145%، بينما ردت بكين بفرض 125% على السلع الأمريكية.

هذا التصعيد يثير قلقاً بالغاً في أوروبا، خوفاً من إغراق المنتجات الصينية للأسواق الأوروبية والإضرار بالصادرات الأوروبية إلى الأسواق الخارجية. فما هي التداعيات المحتملة وكيف يمكن حماية الشركات الأوروبية؟

منافسة شرسة

في ظل الحديث عن نية الطرفين بدء حوار لحل قضية التعريفات المرتفعة، حذرت جمعية التجارة الخارجية الألمانية من أن تدفق السلع الصينية المفاجئ قد يؤدي إلى ظهور سوق واسعة للمنتجات الرخيصة في أوروبا. وأكد رئيس الجمعية أن الصين لديها حجم تجارة أكبر بكثير من حجم تجارتها مع الولايات المتحدة، وأن هذه السلع ستجد طريقها إلى مكان ما.

ويخشى الخبراء ليس فقط من السلع القادمة مباشرة من الصين، بل أيضاً من الشركات الصينية التي نقلت نشاطها إلى دول جنوب شرق آسيا، والتي طالتها أيضاً التعريفات الأمريكية. هذا الوضع سيضع الشركات الأوروبية في مواجهة منافسة تجارية شرسة ومضاعفة، مع توقعات بامتلاء الأسواق الأوروبية بالمنتجات الرخيصة من مختلف المصادر.

قد تدفع هذه التداعيات السلبية الموردين المحليين إلى الخروج من السوق إذا كانت التدفقات ضخمة، كما كانت الحال مع الواردات الأمريكية التي تقدر بمئات المليارات من الدولارات. وحتى مع تفوق الجودة الأوروبية، فإن السعر الأقل يظل جذاباً للمستهلكين الذين يعتقدون أن معظم المكونات والملحقات التي تستخدمها الشركات الأوروبية تصنع في الصين.

في العام الماضي، بلغ حجم التبادل التجاري بين الولايات المتحدة والصين 580 مليار دولار، مع فائض واضح لصالح الصين التي صدرت سلعاً بقيمة 438 مليار دولار إلى الولايات المتحدة، مما يجعلها ثاني أكبر مورد للولايات المتحدة.

حماية الشركات الأوروبية

يرى الباحث الاقتصادي يان مولر أنه يمكن اعتماد شروط وقيود لحماية الشركات الأوروبية، مثل فرض حصص قصوى على الاستيراد أو وضع تعريفات إضافية على بعض السلع لتجنب فائض الواردات. ومع ذلك، قد لا تكون هذه الإجراءات كافية للحد من التنافسية المتزايدة إلا إذا تم فرض رسوم مرتفعة جداً.

وتقترح جمعية تجار التجزئة الألمانية فرض رقابة أكثر صرامة على الشركات الرخيصة التي لا تلتزم بالمعايير الأوروبية وتستخدم أساليب غير عادلة لجذب العملاء.

ويشير مولر إلى أن حرب التعريفات تنطوي أيضاً على مخاطر على صادرات الشركات الأوروبية إلى الأسواق الناشئة، حيث ستواجه حرب أسعار هائلة مع المنتجات الرخيصة من الصين. ويرى أن أوروبا ستكون الخاسر الأكبر في حرب الأسعار مع الصين.

وتشير بيانات معهد الاقتصاد الألماني إلى أن الصين حققت فائضاً هائلاً في الطاقة الإنتاجية في العام الماضي، وبلغ فائض التجارة العالمية للصين قرابة تريليون دولار، استحوذت الولايات المتحدة على 30% منه. ومن المتوقع أن تتحول وجهة السلع الصينية التي كانت تصدر إلى الولايات المتحدة إلى أوروبا بسبب الرسوم الجمركية العقابية المرتفعة.

وتعتزم المفوضية الأوروبية حماية الشركات الصناعية من التأثيرات غير المباشرة لتحول تجارة الصين إلى أوروبا، وقد يتم اللجوء إلى فرض حصص إذا تم رصد فائض في الواردات في الأسابيع المقبلة. ويعاني المصنعون الأوروبيون بالفعل من صعوبة مواكبة منافسيهم في الشرق الأقصى، بسبب ارتفاع الأجور وتكاليف الطاقة.

تراجع الصادرات

مع تراجع جدوى الصادرات إلى الولايات المتحدة، من المتوقع أن تغرق الأسواق الأوروبية بالمنتجات الصينية، بما في ذلك الألواح الشمسية وأجهزة الكمبيوتر والإلكترونيات والمواد الكيميائية والألعاب وقطع السيارات.

يشبه الوضع إلى حد ما ما يحدث في قطاع الأزياء والملابس، حيث نمت التجارة الرخيصة بسرعة وسيطرت على السوق بفضل منصات مثل "تيمو" و"شي إن"، اللتين تجاوز عدد طرودهما إلى دول الاتحاد الأوروبي أربعة مليارات طرد في العام الماضي. وقد انخفض متوسط الأسعار بنسبة 8.8% لأهم مجموعات المنتجات لعام 2024، في مقابل ارتفاع كميات المنتجات المستوردة وتسليم الصين لمزيد من السلع بأسعار أرخص.

وتشير التقارير الاقتصادية إلى أن الوضع على طريق التجارة العكسية مع الصين يبدو قاتماً على نحو متزايد، حيث تراجعت الصادرات من دول صناعية مثل ألمانيا إلى الصين بنسبة 16% خلال العامين الماضيين، مما يعني اتساع الفجوة في الميزان التجاري. وهناك خشية من نتائج مثيرة وحقيقية في ما خص تراجع سوق التصدير إلى الصين.

مشاركة المقال: