السبت, 16 أغسطس 2025 02:58 PM

حكم أمريكي يدين نظام الأسد في قضية تعذيب عبادة مزّيك: تفاصيل وتداعيات

حكم أمريكي يدين نظام الأسد في قضية تعذيب عبادة مزّيك: تفاصيل وتداعيات

أكد المركز السوري للعدالة والمساءلة (SJAC) أن الحكم الصادر عن محكمة المقاطعة الأمريكية لمقاطعة كولومبيا هذا الأسبوع، يجدد التأكيد على أن التعذيب والانتهاكات التي وقعت في السجون السورية خلال فترة حكم بشار الأسد كانت ممنهجة.

في بيان صدر في 14 آب، أوضح المركز أنه حضر جلسات المحاكمة ووثق شهادة عبادة مزّيك، بالإضافة إلى شهادات عدد من الشهود الذين قدموا وصفًا تفصيليًا للتعذيب الجسدي والنفسي الذي ارتكبته إدارة المخابرات الجوية في مطار المزة العسكري.

القضية، التي رفعتها منظمة “مركز العدالة والمساءلة” (CJA) بمشاركة منظمات سورية من بينها “المركز السوري للعدالة والمساءلة” (SJAC)، استندت إلى شهادات ثمانية شهود وعشر وثائق حكومية سورية صادرة عن الفرع الأمني الذي شهد الانتهاكات.

أظهرت شهادة المدعي، التي دعمها شهود آخرون، أن التعذيب كان جزءًا من سياسة ترهيب المدنيين والسيطرة عليهم من قبل الحكومة السورية السابقة.

المدير القانوني للمركز السوري للعدالة والمساءلة، روجر لو فيليبس، صرح لعنب بلدي بأنه من الصعب تحصيل التعويضات للضحية، مع وجود احتمال محدود لحجز أموال حصل عليها الرئيس السوري المخلوع، بشار الأسد، بشكل غير قانوني خلال فترة حكمه.

وأضاف فيليبس أن القضية مرفوعة ضد الحكومة ككل وليست ضد أشخاص بعينهم، إلا أن سجلها القضائي يمكن أن يدعم ملاحقات جنائية مستقبلية بحق مسؤولين عن التعذيب. ونوه فيليبس إلى أن هذه قضية مدنية تتعلق بالتعويضات المالية، وليست قضية جنائية.

ومع ذلك، فإن الحكم الغيابي في هذه القضية يستند إلى سجل قضائي كبير يمكن استخدامه لإثبات وقائع في قضايا أخرى (جنائية أو غير ذلك) لمحاسبة الأفراد المسؤولين عن التعذيب في فرع المخابرات الجوية بمطار المزة العسكري وأماكن أخرى في سوريا. وتعد حقيقة أن المحكمة اعتبرت الأدلة موثوقة عاملاً مساعدًا في تعزيز مصداقيتها، مما يزيد احتمال أن تتبنى محكمة أخرى نفس التقييم.

وأشار فيليبس، في حديثه إلى عنب بلدي، إلى أن “المركز” على تواصل مفتوح مع السلطات في الحكومة السورية الجديدة، ومستعد للتعاون في ملفات المفقودين وبناء القدرات، مؤكدًا أن “مهمة المركز هي تعزيز العدالة والمساءلة في سوريا، وبناء دولة قائمة على احترام حقوق الإنسان وسيادة القانون”.

وقالت تينا الخرسان، مسؤولة السياسات في المركز السوري للعدالة والمساءلة: “يستحق السوريون الوصول إلى الحقيقة، وهذه المحاكمات خطوة مهمة لكشف ما حلّ بالمعتقلين لدى حكومة الأسد، وكذلك المفقودين”. وأضافت: “القضية توجه رسالة للحكومة السورية الحالية بأن الألم الذي خلفته حكومة الأسد يجب ألا يستمر”.

كما أوضحت مادلين هارت، منسقة البرامج في المركز، أن هذا النوع من القضايا نادر الحدوث في الولايات المتحدة، مشيرة إلى أن “القانون الأمريكي أتاح المحاكمة لأن الضحية يحمل الجنسية السورية والأمريكية”. وأعربت عن أملها بأن تسهم المعلومات التي ظهرت خلال الجلسة في دعم الأدلة المتزايدة على جرائم حكومة الأسد والمخابرات الجوية، بما يساعد السوريين على تحقيق العدالة ومحاسبة مزيد من الجناة.

المركز السوري للعدالة والمساءلة أعلن أنه سينشر تقريرًا كاملًا عن هذه المحاكمة خلال الأسابيع المقبلة.

تعود القضية إلى كانون الثاني 2012، حين اعتُقل المواطن الأمريكي السوري عبادة مزيك فور وصوله إلى مطار دمشق الدولي، لينقل لاحقًا إلى فرع المخابرات الجوية في مطار المزة العسكري، أحد أكثر مراكز الاحتجاز السورية سوء السمعة. وتعرض هناك للتعذيب الجسدي والنفسي وأُجبر على مشاهدة تعذيب معتقلين آخرين، في سياق سياسة قمعية انتهجها نظام بشار الأسد لإسكات المعارضين وإرهاب المدنيين.

رفع مزيك، عبر “مركز العدالة والمساءلة” وبالتعاون مع مكتب المحاماة الدولي “فريشفيلدز LLP”، دعوى مدنية أمام المحكمة الفيدرالية لمقاطعة كولومبيا في واشنطن، مستفيدًا من استثناء قانون الحصانات السيادية الأجنبية الذي يسمح بمقاضاة الدول المصنفة كراعية للإرهاب في قضايا التعذيب ضد مواطنين أمريكيين.

ورغم أن القضية موجهة ضد الحكومة السورية السابقة ككيان، فإنها تمثل خطوة رمزية ومهمة في مسار توثيق الجرائم والمطالبة بمحاسبة المسؤولين عنها. الشكوى، التي تستند إلى شهادة مزيك تحت القَسَم، و30 إفادة من معتقلين سابقين، وخمسة تقارير خبراء، تُحمّل النظام السوري السابق المسؤولية عن التعذيب والاعتقال غير القانوني والإخفاء القسري، وتسلط الضوء على النمط الممنهج للاعتقال والتعذيب الذي طال عشرات آلاف السوريين، بينهم أكثر من 130 ألف شخص ما زالوا مفقودين.

وفي 8 آب 2025، قضت المحكمة الأمريكية بمسؤولية نظام الأسد عن تعذيب مزيك، على أن تُصدر لاحقًا حيثيات الحكم وقيمة التعويضات، مع العلم أن فرص تحصيل أي تعويضات مالية تبقى ضئيلة، بحسب “المركز”.

مشاركة المقال: