الثلاثاء, 2 ديسمبر 2025 01:49 AM

حلب: استئناف ترميم الجامع الأموي الكبير.. عودة معلم تاريخي وديني

حلب: استئناف ترميم الجامع الأموي الكبير.. عودة معلم تاريخي وديني

أعلنت مديرية أوقاف حلب عن استئناف أعمال ترميم الجامع الأموي الكبير في المدينة، وذلك بهدف إعادة افتتاح هذا المعلم الديني والتاريخي الهام في حلب. وأوضحت المديرية عبر صفحتها على “فيسبوك” في 30 تشرين الثاني، أن أعمال الترميم تجري تحت إشرافها المباشر.

تشمل أعمال الترميم معالجة الأضرار التي لحقت بأجزاء واسعة من المسجد خلال سنوات الحرب، مع التركيز على الحفاظ على الهوية المعمارية والتراثية للموقع. ويهدف استئناف العمل، وفقًا للمديرية، إلى إعادة الدور الديني والثقافي للمسجد، ليعود إلى مكانته كأحد أبرز مراكز العلم والعبادة في المدينة.

الرواق الشرقي الأكثر تضررًا

ذكر المكتب الإعلامي لمديرية الأوقاف، لعنب بلدي، أن ورشات الترميم تستكمل بناء الغرف في الرواق الشرقي، وتتضمن الأعمال أيضًا الأروقة الشمالية والشرقية والحجازية، بالإضافة إلى معالجة البلاط والزريقة التقليدية. وتشمل مراحل الترميم استكمال المئذنة، وترميم الأجزاء المتضررة من بلاط صحن الجامع واستبدال ما يلزم منها، وتنفيذ التجهيزات الكهربائية داخل المسجد.

أشار المكتب الإعلامي إلى أن حجازية الجامع والرواق الشرقي هما الأكثر تضررًا، ويحتاجان إلى مدة أطول نسبيًا لاستكمال الترميم بسبب حجم الدمار الذي أصابهما. ولفت إلى معوقات تقنية مرتبطة بارتفاع المئذنة، إذ يتطلب العمل رفع مستوى الرافعة إلى ارتفاع أكبر، وهو ما يحتاج إلى إجراءات فنية إضافية قد تستغرق بعض الوقت قبل استكمال الأعمال في القسم العلوي من المئذنة.

أوضح المكتب أن أعمال الترميم تستند إلى دراسات هندسية أعدها مكتب ممارسة المهنة في كلية الهندسة المدنية بجامعة حلب، والمصدقة من مديرية الآثار والمتاحف، والمدققة من لجنة هندسية مختصة بأعمال الترميم. وأشار إلى وجود تنسيق كامل بين مديرية الأوقاف ومديرية الآثار والمتاحف في حلب، مع الالتزام بمعايير الترميم المتبعة في المدينة القديمة وبما يتوافق مع المواثيق الدولية الخاصة بالمباني التراثية.

ذكر المكتب أن الإشراف على المشروع يجري بشكل مشترك بين مديرية أوقاف حلب، ومديرية الآثار والمتاحف، ونقابة المهندسين، وكلية الهندسة المعمارية في جامعة حلب. ولا توجد خطة لافتتاح أي قسم من المسجد في الوقت الحالي، نظرًا لوجود أعمال إنشائية ومعمارية وآليات داخل المسجد، مما يجعل من الصعب وجود المصلين أو الزوار خلال هذه المرحلة من العمل، وفقًا للمكتب الإعلامي.

على خط الجبهة

شهد الجامع الأموي الكبير في حلب أضرارًا واسعة خلال سنوات الحرب، لاسيما في عامي 2012 و2013، وتحول إلى أحد أهم خطوط المواجهة بين قوات النظام السابق وفصائل المعارضة، ما أدى إلى تضرر أجزاء كبيرة منه، بما في ذلك انهيار المئذنة ودمار الأسواق المحيطة. وتعرض محيط المسجد لسقوط قذائف قرب مدخل القلعة، ما تسبب بتناثر شظايا وبقايا بضائع محترقة. وفي وقت أحيط ضريح النبي زكريا بجدران مؤقتة لحمايته وسط الاشتباكات، امتد الدمار إلى أجزاء أخرى من المدينة القديمة المحاذية للمسجد.

مع نهاية عام 2016، تمكنت قوات النظام السابق من استعادة السيطرة على المنطقة المحيطة بالجامع، بعد سنوات من القتال، وتركت المعارك آثارًا كبيرة على واحد من أبرز معالم حلب الدينية والتاريخية.

تاريخ الجامع

يعود بناء الجامع الأموي الكبير في حلب إلى العصر الأموي في القرن الأول الهجري (96 هـ/716 م)، بحسب ما نقلته الموسوعة التاريخية لأعلام حلب. وتشير معظم المصادر التاريخية إلى أن الخليفة سليمان بن عبد الملك هو من أمر بتشييده، في سياق منافسة عمرانية مع ما بناه شقيقه الوليد بن عبد الملك في جامع بني أمية بدمشق، بينما تنسب مصادر أخرى بناء الجامع إلى الخليفة الوليد نفسه.

تعرض الجامع خلال تاريخه الطويل لدمار متكرر نتيجة الحروب والحرائق والزلازل، ما استدعى عمليات ترميم وإصلاح مستمرة عبر القرون. وتشير دراسات تاريخية إلى أن الجامع تضرر بشكل كبير في القرن السابع الهجري (القرن الثالث عشر الميلادي) عقب الهجوم المغولي بقيادة هولاكو خان، قبل أن يعيد المماليك بناءه بشكل شامل، ويستبدلوا سقف القبلية الخشبي بتسقيف قائم على أقبية محمولة على دعامات.

بينها جامع “العادلية”.. تركيا تعتزم ترميم آثار عثمانية بحلب
مشاركة المقال: