نور الدين عمر – حلب
منذ توقيع اتفاق حلب بين قوات سوريا الديمقراطية والإدارة السورية الجديدة، تجدد الأمل لدى روشين كوتو (35 عاماً)، من سكان حي الشيخ مقصود بمدينة حلب، شمالي سوريا، أن تعترف الحكومة الجديدة بشهادات أبنائها في مدارس الإدارة الذاتية، حفاظاً على مستقبلهم.
وفي أحياء شيخ مقصود شرقي وشيخ مقصود غربي والأشرفية الكردية بحلب، تعتمد المدارس مناهج الإدارة الذاتية لشمال شرقي سوريا منذ سنوات، دون أن تعترف الحكومة السابقة بتلك المناهج وشهاداتها.
ضرورة الاعتراف بالشهادات
ترى روشين كوتو (35 عاماً)، وهي من سكان حي الشيخ مقصود، في هذا الاعتراف ضرورة ملحّة للحفاظ على مستقبل أبنائها وأبناء منطقتها، الذين تلقوا تعليمهم وفق مناهج الإدارة الذاتية منذ سنوات دون أي اعتراف رسمي من الدولة السورية.
تقول روشين كوتو، لنورث برس، إن المدارس التي تحتضن أبناءها، أصبحت بالنسبة لها ولغيرها من سكان الحيين – الشيخ مقصود والأشرفية – أكثر من مجرد مؤسسة تعليمية.
وتضيف أنه “من حق الأكراد أن يتعلموا بلغتهم الأم، ونحن نطالب أن يتم اعتماد هذه الشهادات مثلها مثل شهادات باقي المناطق السورية.” وترى أن أبناء الحي أثبتوا تميزهم في التعليم باللغة الكردية، وتطالب بإجراء الامتحانات ضمن مدارسهم، بما يعكس احترام التنوع الثقافي والمجتمعي في البلاد.
الاعتراف باللغة الكردية
من جانبها، تشدد كوليزار علي (40 عاماً)، وهي من مهجّري عفرين وتعيش في الحي منذ عام 2018، أهمية الاعتراف باللغة الكردية والمناهج التابعة لها، مشيرة إلى أن هذه المناهج تعتمد التقييم الأسبوعي للطلاب، مما يعزز من كفاءتهم الأكاديمية ويقوي فهمهم للمقررات.
تقول “علي”: “عندما وصلنا من عفرين، كانت هناك مدرسة واحدة فقط في الحي، أما اليوم، فقد تطور التعليم ليشمل جميع المراحل من الابتدائي حتى الجامعات. نطالب بأن تجرى الامتحانات هنا في مدارسنا.”
وبداية العام الدراسي 2015- 2016 , بدأت الإدارة الذاتية بتدريس مناهجها التعليمية للصفوف الثلاثة الأولى, زادتها تباعاً حتى شملت كافة المراحل الدراسية.
وتعتمد الإدارة الذاتية منذ تأسيسها نظام تعليمي خاص بها، يعتمد اللغتين الكردية والعربية كلغتين أساسيتين، لكنها لم تحظى باعتراف من حكومة دمشق في عهد النظام السابق بسبب خلافات سياسية.
ويشكل الاعتراف بالشهادات الصادرة عن الإدارة الذاتية في مناطق شمال شرقي سوريا، بما فيها أحياء شيخ مقصود والأشرفية في حلب، مطلباً ملحاً يتبناه السكان، إذ تشكل مسألة عدم الاعتراف بهذه الشهادات مأزقاً حقيقياً لآلاف الطلاب السوريين ويهدر سنوات الدراسة التي قضوها في التعلّم ويحرمهم من فرص التعليم العالي والتوظيف.
ازدواجية تعليمية وتحديات مستمرة
تقول المعلمة زهيدة رشيد، الرئيسة المشاركة للجنة التربية والتعليم في الأحياء الكردية بحلب، التابعة للإدارة الذاتية في شمال شرقي سوريا، إن اللجنة تأسست منذ عام 2015 وتضم 13 مدرسة، منها ثلاث تعتمد منهاج الإدارة الذاتية إلى جانب اللغة العربية، بينما تعتمد العشر المتبقية المنهاج الحكومي مع حصص باللغة الكردية.
وتشير “رشيد” إلى الدور المزدوج الذي تقوم به لجنة التربية، حيث تشرف على تدريب وتأهيل الكوادر التعليمية في معهد إعداد المدرسين وفق خطة الإدارة الذاتية، إلى جانب مهمة تدريس الطلاب.
وتضيف: “رغم ضعف الإمكانيات، قدمنا تدريبات مكثفة للمعلمين لتمكينهم من إيصال المعرفة للطلاب، والحفاظ على التنوع اللغوي والثقافي للمجتمع، سواء العربي أو الكردي.”
وفي الأول من نيسان/ أبريل الفائت، أعلن بدران جيا كرد، وهو قيادي في الإدارة الذاتية بشمالي سوريا، عن اتفاق إداري، أمني وخدمي، بين مجلس أحياء حلب الكردية والإدارة السورية في حلب.
وينص الاتفاق على الحفاظ الكامل على خصوصية الأحياء الكردية، بما يشمل الجانب الأمني والخدمي والإداري والثقافي والسياسي، وذلك بالتنسيق مع المؤسسات الخدمية والأمنية المعنية في مدينة حلب، مع إنشاء آليات خاصة لتحقيق ذلك.
وبحسب البند الرابع عشر من الاتفاق الموقع بين المجلس المدني في حيي الشيخ مقصود والأشرفية واللجنة المُشكّلة من قبل رئاسة الجمهورية السورية، فإن الاتفاق ينص على الحفاظ على المؤسسات الخدمية والتعليمية والإدارية إلى حين التوصل إلى حل مشترك بين اللجان المركزية.
إلا أن مسؤولة لجنة التعليم في الأحياء الكردية بحلب تشير إلى غياب أي تواصل من لجنة رئاسة الجمهورية بشأن مناهج التعليم، رغم توقيع الاتفاق، ما أدى إلى اختزال الأمر في حذف أي مضمون متعلق بحزب البعث فقط.
ورغم محاولات “نورث برس” للحصول على تعليق رسمي من مسؤولي التربية الحكومية في مدينة حلب بشأن الاتفاق الموقّع بين قوات سوريا الديمقراطية ولجنة رئاسة الجمهورية، رفضت التربية الحكومية الإدلاء بأي تعليق.