الأحد, 23 نوفمبر 2025 06:18 PM

خبراء يحللون أسباب تعثر الاستثمارات في سوريا ويقترحون حلولاً للإقلاع الاقتصادي

خبراء يحللون أسباب تعثر الاستثمارات في سوريا ويقترحون حلولاً للإقلاع الاقتصادي

ترى ميس حمزة بركات أن الاقتصاد المحلي، وعلى عكس السنوات الماضية التي اتسمت بالجمود، يتجه اليوم نحو نهج الاقتصاد الحر وخصخصة بعض مؤسسات القطاع العام، وذلك بهدف إعادة بناء اقتصاد قوي يخضع للحوكمة والشفافية.

في هذا السياق، يراقب السوريون عن كثب السياسات الاقتصادية الجديدة، أملاً في إعادة دوران عجلة الاقتصاد وتحسين الأوضاع المعيشية المتردية.

يؤكد الاقتصاديون على أن الاتفاقيات والمنتديات الاستثمارية التي شهدتها العاصمة مؤخراً تعكس استعداد الدولة لاحتضان الاستثمارات وانتشال الاقتصاد من الركود، بالإضافة إلى توفير الظروف المناسبة لتحقيق تقدم ملموس، مع التركيز على خصخصة الشركات الوطنية وإدراجها في الأسواق المالية، وإعادة بناء الاقتصاد بأسلوب مستدام من خلال استثمارات ضخمة وإصلاحات في الحكم والإدارة الاقتصادية.

يشدد الاقتصاديون على ضرورة تقديم رؤية واقعية ومتزنة لمستقبل الاقتصاد السوري، ترتكز على فهم عميق للمتغيرات الداخلية والخارجية، في ظل الظروف الصعبة التي يمر بها الاقتصاد، وعقبات الإنتاج، والانكماش، والتضخم.

الدكتور سعد بساطة، مستشار غرفة صناعة حلب، استعرض في تصريح لـ "الثورة" النواحي الرئيسية لإيجاد رؤية واقعية لمستقبل الاقتصاد السوري، مؤكداً على أهمية أخذ النظرة الداخلية بعين الاعتبار، بما في ذلك القطاعات الاقتصادية الرئيسية وتأثير العقوبات الاقتصادية، بالإضافة إلى الموارد البشرية وضرورة تحسين مهارات القوى العاملة، وفي المقابل، تتضمن النظرة الخارجية التطورات الإقليمية والدولية وتأثيرات الصراعات والتحالفات الاقتصادية الكبرى، والتأرجح بأسعار البترول، وأهمية تعزيز العلاقات الاقتصادية مع الدول المجاورة والصديقة.

أشار بساطة إلى أهمية اتباع نهج الاقتصاد المختلط من خلال الدمج بين القطاعين العام والخاص، مع تقديم الدعم للصناعات الثقيلة والزراعة، واتباع استراتيجيات التعافي والنمو التي تبدأ بإصلاح السياسات الاقتصادية وجذب الاستثمارات واستعادة البنية التحتية وتأهيل المدن، ودعم وتطوير قطاعات جديدة مثل التكنولوجيا والطاقة المتجددة.

كما أشار إلى التحديات التي تواجه النهوض بالاقتصاد المحلي، وأهمها تمويل إعادة الإعمار ومكافحة الفساد.

عرّج بساطة في حديثه إلى الرؤية المستقبلية القصيرة الأمد والمتوسطة والطويلة، مؤكداً على ضرورة التركيز على الاستقرار الاقتصادي وتأمين الحاجات الأساسية، وتنفيذ إصلاحات هيكلية وتشجيع الاستثمار، مع تأمين نمو دائم ومستمر وتنوع اقتصادي.

تهدف المرحلة قصيرة الأمد إلى ضمان توفر الغذاء والدواء والوقود للمواطنين، وكبح التضخم وتثبيت الأسعار، وإعادة تفعيل القطاعات الجوهرية، وإعادة تشغيل المدارس والمستشفيات والخدمات العامة، وتفعيل برامج لتوفير فرص عمل للعاطلين، وتقديم القروض والتسهيلات للشركات الحرفية والصغيرة والمتوسطة.

أشار بساطة إلى أهم الإجراءات التي يجب اعتمادها في هذه المرحلة، من تقديم مساعدات مالية مباشرة للأسر المتضررة، وتبسيط الإجراءات الإدارية، واستصدار قوانين مرنة لدعم الاستقرار الاقتصادي، وطلب المساعدات الإنسانية من المنظمات الدولية، وإعادة جدولة الديون.

أشار الخبير الاقتصادي إلى أبرز المشكلات التي تواجه المرحلة الراهنة، مثل صعوبة توفير التمويل اللازم، والتحديات في تأمين المساعدات الدولية، والحاجة إلى إصلاحات كبيرة في البنية التحتية الأساسية.

الدكتور زياد عربش أكد على الحاجة إلى تصور اقتصادي واقعي يعيد البلد إلى سكة التعافي والنمو، مع قراءة دقيقة لهوية الاقتصاد السوري وخصائصه، وتطوير منظومة تشريعية بنهج اقتصادي جديد، وتبني قوانين استثمار حديثة تشجع المستثمر المحلي وتوفر بيئة قانونية مستقرة وشفافة.

أشار إلى أن "قانون الاستثمار في سوريا 2025" يُعد خطوة مهمة في هذا الاتجاه، ولكنه يواجه تحديات تطبيقية تتعلق ببطء الإجراءات وتداخل التشريعات.

أشار عربش إلى أن أهم مسألة تجب معالجتها هي تأخر الاستثمارات المحلية والخارجية عن الإقلاع، وذلك بفعل عدة عوامل متشابكة منها استمرار حالة عدم الاستقرار الكلي، وضعف البنية التحتية، والعقوبات الاقتصادية، ونقص الثقة بالبيئة الاستثمارية.

كما أن غياب مشاريع جادة على أرض الواقع يعود إلى بطء عمليات التنفيذ، وتحديات التمويل، والتنسيق بين الجهات الحكومية والمستثمرين.

أكد عربش على أن أهم تعديل لقانون الاستثمار يجب أن ينصبّ على تعزيز الحوكمة، وضمان نزاهة تطبيق القوانين، وتفعيل القضاء التجاري، وتبسيط الإجراءات وتوفير حماية قانونية حقيقية للمستثمرين.

نوّه عربش إلى أنه ومن خلال إنعاش الاقتصاد عبر الاستثمارات الخارجية يجب استعجال تنفيذ الاتفاقيات الموقعة إلى مشاريع ملموسة على أرض الواقع، وما لم يتم اتخاذ إجراءات عاجلة لتذليل العقبات التنفيذية والإدارية، سيظل هذا الهدف بعيد المنال.

أكد على أن الخطوة الأساسية تبدأ بإنشاء منظومة تشريعية واقتصادية جديدة تراعي عوامل الاستقرار والشفافية، مع تعزيز الثقة بين المستثمرين والدولة، ووضع خطة تنفيذية واضحة تضمن تحويل المشاريع الاستثمارية إلى واقع ملموس.

مشاركة المقال: