الأحد, 20 أبريل 2025 04:40 AM

خلافات حول الملف النووي: هل تتجاهل واشنطن مخاوف إسرائيل الأمنية بشأن إيران؟

خلافات حول الملف النووي: هل تتجاهل واشنطن مخاوف إسرائيل الأمنية بشأن إيران؟

جاد ح. فياض

تشهد العلاقات بين واشنطن وتل أبيب تباينًا ملحوظًا حيال المفاوضات النووية مع طهران. فبينما تبدي الولايات المتحدة انفتاحها على محادثات قد تفضي إلى اتفاق جديد، تتخذ إسرائيل موقفًا أكثر تشددًا، وتؤيد خيار توجيه ضربة عسكرية لتعطيل البرنامج النووي الإيراني، على غرار ما فعلته مع "حزب الله" و"حماس".

لم يتقلص هذا الخلاف السياسي، ولم تتراجع إسرائيل عن مواقفها المتشددة، حتى عندما أبدت تأييدها للمفاوضات على أساس تفكيك البرنامج النووي الإيراني بشكل كامل، على غرار النموذج الليبي. في المقابل، تواصل الولايات المتحدة خططها للتفاوض مع إيران دون شروط مسبقة مرتبطة بالرؤية الإسرائيلية، مع التأكيد على منع إيران من امتلاك قدرات نووية عسكرية.

ينطلق الرفض الإسرائيلي من نقطتين أساسيتين: الأولى هي الخطر العسكري، حيث ترى التقديرات الإسرائيلية أن أي اتفاق لا يفكك برنامج إيران النووي سيشكل تهديدًا نوويًا لإسرائيل. أما النقطة الثانية، فتتعلق بحسابات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي يمر بمرحلة سياسية حرجة وقد يواجه خطر الخروج من المشهد السياسي في حال انتهاء حرب غزة وتوقف المواجهات مع جماعات إيران، وبدء مرحلة التسويات بين الولايات المتحدة وإيران. لذا، يسعى نتنياهو إلى استمرار حالة الحرب لضمان مستقبله السياسي.

يثير هذا التباين تساؤلات حول ما إذا كانت إسرائيل تعتبر أي اتفاق نووي يسمح لإيران بالاستمرار في التخصيب، ولو بنسبة معينة وتحت رقابة دولية، خطرًا عليها. وهل تتجه الولايات المتحدة نحو اتفاق قد يشكل تهديدًا لإسرائيل؟ أم أن السلطة الإسرائيلية تعمل وفق حسابات سياسية ضيقة مرتبطة بمستقبل نتنياهو؟

يؤكد الأكاديمي والأستاذ في الجامعة الأميركية في واشنطن، د. إدموند غريب، أن الولايات المتحدة "لا يمكن أن توافق" على أي اتفاق "يهدد" أمن إسرائيل. ويرى أن الهدف من الاتفاق المحتمل هو حماية إسرائيل ومنع إيران من تطوير سلاح نووي، وهو نفس الهدف الذي حمله الاتفاق السابق عام 2015. لكن التباين يكمن في أن إسرائيل تفضل الحلول العسكرية وترفض فكرة العودة إلى اتفاق 2015 أو ما يشبهه.

يشير غريب إلى أن الداخل الإسرائيلي يعتبر أن إيران "تلعب بالوقت" من خلال المفاوضات والاتفاقات لتطوير ترسانتها النووية والعسكرية. ويرى خبراء أن إسرائيل ترفض العودة إلى تجربة اتفاق 2015 الذي سمح لإيران بالتوسع أكثر وتقوية جماعاتها انطلاقًا من قاعدة "النفوذ في مقابل وقف التخصيب".

ويوضح غريب أن الولايات المتحدة تسعى لحماية إسرائيل من خلال خفض طهران نسبة تخصيب اليورانيوم، وتشديد الرقابة الدولية على النشاط النووي، وتفكيك القدرات الصاروخية، ولا سيما منها الفرط صوتية، وتفضل الحلول السياسية على الحلول العسكرية التي تترتب عنها عواقب سياسية وعسكرية واقتصادية "وخيمة".

وفيما يتعلق بالنفوذ الإيراني في المنطقة، ترى الولايات المتحدة أن التغيرات الاستراتيجية التي حصلت، بدءًا من سقوط نظام بشار الأسد مرورًا بإضعاف "حزب الله" وصولًا إلى شبه تدمير "حماس"، لن تسمح لإيران بإعادة بسط نفوذها، خصوصًا أنها خسرت طرق الإمداد. كما أن للولايات المتحدة مصلحة في استمرار وجود تهديد نسبي لإسرائيل لضمان النفوذ عليها.

ويلفت غريب إلى أن نتنياهو يسعى لضمان مستقبله السياسي من خلال إصراره على الحلول العسكرية، كونه على يقين بأنه سيدفع أثمانًا باهظة على المستويين القضائي والسياسي بعد انتهاء الحروب. ولهذا السبب عاد إلى حرب غزة ويصر على ضرب إيران، بهدف الخروج من الحروب بصورة نصر "كبيرة".

في المحصلة، فإن التباين الإسرائيلي – الأميركي سيبقى موضعيًا ومن غير المرتقب أن يؤثر على مسار التفاوض الأميركي – الإيراني، وإن كانت إسرائيل ستسعى جاهدة من خلال كل الأساليب المتاحة إلى تفخيخ المفاوضات وإقناع العقل السياسي في الولايات المتحدة بالحلول العسكرية بدل السياسية، والكرة في ملعب البيت الأبيض.

مشاركة المقال: