الخميس, 1 مايو 2025 02:06 AM

خوسيه ساراماغو: من عامل مصنع إلى قمة الأدب العالمي وجائزة نوبل

خوسيه ساراماغو: من عامل مصنع إلى قمة الأدب العالمي وجائزة نوبل

د. السفيرمحمد محمد الخطابي

يعتبرالكاتب والروائي البرتغالي خوسّيه ساراماغو ظاهرة فريدة في عالم الأدب، حيث تغلب على صعوبات جمة منذ ولادته في أسرة متواضعة عانت من ضائقة مالية، مما اضطره للعمل في مهن بسيطة كعامل في مصنع أقفال وورش ميكانيكا. لكن شغفه بالقراءة والعلم والإبداع لم ينطفئ.

وُلد ساراماغو في 16 نوفمبر 1922 في بلدة ازيناغا البرتغالية، وانتقلت أسرته إلى لشبونة عندما كان عمره عامين. رحل عن عالمنا في 18 يونيو 2010 في جزيرة «لانثاروطي» الكنارية عن عمر يناهز 87 عاماً.

رؤية الواضحة وبصِيرة ثاقبة وريّاح التغيير

في روايته «البصيرة» (2004)، استقرأ ساراماغو، كما ذكرت أرملته، إرهاصات التغييرات والثورات التي شهدتها بعض البلدان العربية لاحقاً.

يندرج حدس ساراماغو في إطار التنبؤات المستقبلية التي أطلقها كتاب ومفكرون عرب وغربيون حول ما عُرف بـ«الربيع العربي»، الذي تحول في نظر الكثيرين إلى خريف. أرملة ساراماغو، الحائز على جائزة نوبل في الآداب عام 1998، صرحت بأن زوجها تنبأ بهذه الأحداث في روايته «البصيرة»، وهي الجزء الثالث من ثلاثية تتناول الهوية البشرية، وتشمل أيضاً «مقال حول العمىَ» (1995) و«كل الأسماء» (1998).

تشير بيلار ديل رييو إلى أن الرواية تحكي قصة شعب قرر مقاطعة الانتخابات، مما أثار الرعب لدى المسؤولين واعتُبر تحدياً للسلطة. تتضمن الرواية فقرة تصف اعتصام المواطنين في الساحة الرئيسية للمدينة وإطاحتهم بالحاكم المستبد. وترى أرملة ساراماغو أن هذا يماثل ما حدث في مصر وبعض الدول العربية الأخرى.

كان ساراماغو يرى أن الأزمة ليست اقتصادية بقدر ما هي أزمة أخلاق وسلوك ومبادئ.

ساراماغو لم يكن قارئ طالع

تؤكد مترجمة أعماله أن ساراماغو لم يكن متنبئاً، بل مثقفاً يعيش عصره ويتفاعل مع أحداثه، ويرصد عيوب العالم ونواقصه بالتأمل.

مواقف صائبة ومغالطات

يرى الكاتب كارلوس ريياس أن ساراماغو أثار جدلاً حول قضايا معاصرة، أصاب في بعضها وأخطأ في بعضها الآخر. ومع ذلك، كانت له مواقف مشرفة تجاه قضايا عربية، مثل دعمه للقضية الفلسطينية وانتقاده لإسرائيل. زار رام الله عام 2002 تضامناً مع الفلسطينيين والتقى بالرئيس ياسر عرفات. كما كان عضواً في الحزب الشيوعي البرتغالي وناشطاً في مجال حقوق الإنسان.

الهجرة إلى جزر الخالدات

بعد نشر روايته «الإنجيل حسب يسوع المسيح» عام 1991، تعرض ساراماغو لانتقادات لاذعة من الكنيسة الكاثوليكية، مما دفعه إلى الهجرة من البرتغال عام 1998. بدأ يفتخر بأصوله الأمازيغية وانتقل للعيش في جزيرة «لانثاروطي» في جزر الكناري.

الحب هوحصننا الوحيد

في مقابلة قبل وفاته، قال ساراماغو: «لقد آن الأوان للعواء، لأننا إذا انسقنا خلف القوى التي تهيمن عليـــنا فمن الممكن القول إننا نستحق ما يحدث لنا». وعن الموت قال: «الحبّ هو حصننا الوحيد أمام الموت».

كان ساراماغو أديباً صادقاً ومفكراً صريحاً، يقول ما يخطر بباله. وبعد فوزه بجائزة نوبل، شعر بعزلة تامة. كان يصف نفسه بأنه إنسان كئيب لا يضحك بسهولة. وقال: «أنا مجرد كاتب يقوم من خلال كتاباته برفع حجرة وجذب الانتباه إلى ما هو موجود أسفلها».

****************************************************************

*كاتب وباحث ومترجم من المغرب ، عضو الأكاديمية الإسبانية الأمريكية للآداب والعلوم بوغوطا كولومبيا.

اخبار سورية الوطن 2_وكالات_راي اليوم
مشاركة المقال: