الجمعة, 20 يونيو 2025 04:19 PM

خيارات صعبة: ثلاثة سيناريوهات محتملة في التعامل مع الملف الإيراني

خيارات صعبة: ثلاثة سيناريوهات محتملة في التعامل مع الملف الإيراني

تشهد المنطقة توتراً متصاعداً، تجلى في التهديدات المتبادلة.

هذا التبادل ليس مجرد استعراض، بل نقطة تحول في المواجهة، ويعكس رهاناً على أن الضغط العسكري، مع التهديد بالانخراط في الحرب، سيحدث تحولاً في التوجهات والمواقف.

يُستعاد سيناريو عندما أعلنت الموافقة على وقف إطلاق النار في أعقاب التدخل الذي أسفر عن تدمير عدد من القطع البحرية والمنشآت، وتبلور تقدير بأن الوضع الاقتصادي يهدد النظام.

هناك فارق جوهري بين الأمس واليوم، حيث أصبحت تمتلك ترسانة صاروخية متطورة، وبرنامجاً يجعل أي مواجهة محفوفة بتكاليف استراتيجية وأمنية، فضلاً عن أن البيئة الإقليمية مختلفة تماماً.

في هذه الأجواء، جاءت المواقف لتبدد الرهان على تكرار ما ينتظرونه.

في ضوء هذا التعقيد، هناك ثلاثة سيناريوات، لكل منها مخاطره وقيوده:

  1. الرهان على حافة الحرب: يقوم هذا السيناريو على استمرار الضربات الجوية ضد مواقع حساسة، بهدف فرض معادلة ميدانية تدفع إلى التفاوض بشروط أدنى.

    لكن ذلك يتطلب إدارة دقيقة للتصعيد دون الانجرار إلى مواجهة شاملة، ما يعني أنه محفوف بالمخاطر؛ إذ قد يعتبر إعلان حرب، وترد عليه بهجمات مباشرة أو عبر حلفائها، ما قد يؤدي إلى توسع سريع في رقعة المواجهة.

    كما أن التعويل على التراجع السياسي، والعودة إلى طاولة المفاوضات تحت النار، يبدو غير واقعي. من هنا، فإن لعبة الأعصاب، أو صراع الإرادات، أقرب إلى مقامرة غير محسوبة، في بيئة مشتعلة.

  2. إسقاط النظام – مغامرة غير واقعية: يتسم هذا السيناريو بأقصى درجات التصعيد، عبر استهداف مكثف للبنية التحتية العسكرية والمدنية بهدف إنهاك النظام أو دفعه نحو الانهيار الداخلي.

    لكن الرهان على تفكك الدولة يتجاهل التماسك البنيوي الذي تراكم على مدار عقود.

    فبدل أن يُضعف العدوان النظام، قد يُنتج التفافاً داخلياً واسعاً حوله. كما أن الرد سيكون شاملاً وعنيفاً، وعبر كل الجبهات، مع تهديد مباشر للممرات البحرية، سيستتبع حتماً ارتفاعاً في أسعار النفط.

  3. الانخراط – نار باردة تحرق الجميع: يتمثل السيناريو الأكثر حساسية في تدخل مباشر ضد ، سواء بشكل محدود أو واسع النطاق. وقد يُغري هذا الخيار بعض دوائر القرار، باعتباره فرصة لتقويض المشروع النووي، وإعادة ضبط المشهد الإقليمي.

    لكن الانخراط العسكري يطرح جملة من التحديات؛ إذ قد يتحول تدخلها إلى مستنقع استنزاف عسكري واقتصادي لها، في منطقة لم تَعُد تمثل رأس أولوياتها. كما أن استهداف سيعرض القوات والقواعد في الخليج والعراق وسوريا إلى ردود مؤلمة، بالتوازي مع ارتدادات داخلية.

    أما بالنسبة إلى ، فإن أي ضربة ستقابل بردود صاروخية مكثفة، وعمليات ضد المصالح في الإقليم. كما قد تُستخدم أوراق القوة البحرية لإرباك حركة الملاحة في مضيق ، ما سيشعل أسعار الطاقة عالمياً.

    وبالانتقال إلى ، فهي ستجد نفسها الشريك الأول في الحرب، والأكثر عرضة للخطر، خاصة إذا قررت الاكتفاء بضربة أولى ثم الانكفاء. وحينها، ستكون وحدها في مواجهة ردود غير محسوبة ستطال عمقها الداخلي.

    وعلى مستوى المنطقة والعالم، يعني دخول في الحرب تفجير جبهات خامدة، من سوريا إلى اليمن، وانفلاتاً أمنيّاً يمتد من المشرق إلى البحر الأحمر، مع تداعيات اقتصادية قد تُنهك الدول الهشة وتخلق فراغاً يُسرّع التمدد.

في الخلاصة، يظهر أن أياً من السيناريوات لا يحمل حلاً، لكن ذلك لا يعني أن لن تنخرط في الحرب، بشكل أو بآخر، بل لا يزال هذا السيناريو هو المرجح، خاصة وأن الامتناع عنه سيضع أمام خيارين: إما التورط في حرب استنزاف لا تقدر عليها، أو التراجع عن سقف أهدافها مع الإقرار بعدم معالجة البرنامج النووي في ظل بقاء منشأة .

وإذا كانت الرغبة في ضربة حاسمة تصطدم بواقع أكثر تعقيداً من ذي قبل، فإن الرهان على إسقاط النظام يواجه بدوره قيوداً ومخاطر. أما الانخراط ، فليس سوى وصفة تفجير لا تحمل معها ضمانات استراتيجية. ولذا، فإن المنطقة، اليوم، ليست على حافة اشتباك فقط، بل على حافة تحول قد يعيد رسم خريطتها بالكامل.

مشاركة المقال: