دمشق-سانا: استضافت دار أوبرا دمشق فعالية فنية متنوعة بعنوان "على خطى الموسيقا"، احتفاءً بالتقاليد الموسيقية الغنية والآلات الشعبية في منطقة بلاد الشام والعراق، وما تزخر به من تراث غنائي أصيل.
الفعالية، التي أقامتها مؤسسة العمل للأمل بالتعاون مع وزارة الثقافة، اختتمت سلسلة من الخطوات ضمن مشروع "على خطى الموسيقا" الذي انطلق منذ ثلاث سنوات. بدأ المشروع ببحوث ميدانية قام بها أكاديميون متخصصون في 11 تجمعاً سكانياً في مناطق الرقة والقامشلي وريف حماة في سوريا، والهرمل وعكار ومخيم بر إلياس للاجئين السوريين في لبنان، بالإضافة إلى العراق والأردن. هدف هذه البحوث توثيق الموسيقى الشعبية في تلك المناطق وحمايتها من الاندثار، والتعرف إلى مراحل صناعة الآلات.
المعرض المصاحب، الذي افتتح اليوم ويستقبل الزوار من 12 تشرين الأول الجاري حتى 6 تشرين الثاني القادم، يقدم تعريفاً بآلات كل منطقة. فمن العراق، نجد آلات الكاسور والدف الساز الإيزيدي والربابة. ومن الأردن، نتعرف على اليرغول والشبابة والناي والمهباج. أما من سوريا ولبنان، فنجد مجموعة من الآلات التقليدية كالطبل بأشكاله المختلفة والربابة والمزمار إضافة إلى المجوز.
كما ضم المعرض لوحات تشرح عن كل آلة على حدة، وعرضاً حياً لكل الآلات مع عبارة "جربني"، في دعوة للزوار للعزف عليها والاستمتاع بنغماتها دون الحاجة لتدريب أو خبرة، مما أضفى جواً من المشاركة الشعبية والتفاعل مع الموسيقى.
الحفل الموسيقي المرافق للمعرض كان غنياً بأغاني تراث تلك المناطق، وافتتح بنشيد سلمية، ثم نايل، وساجوري، وسلمية ست البلاد، ومجروح قلبي، ومن عرق خده، ودبكة قوصار، وعيني على الغرابة، ثم ركايب خلتّي، واختتم بأغنية يما تعاليلي.
معاونة وزير الثقافة لشؤون التراث والآثار لونا رجب، صرحت لوكالة سانا بأن الفعالية تهدف إلى إحياء التراث اللامادي الثقافي الموسيقي وربطه بالإنسان السوري، مؤكدة أن هذا الجهد من مؤسسة العمل للأمل خطوة مهمة لتعريف الناس بتراثهم الموسيقي وبالآلات التقليدية المنسية. وأشارت إلى أن ربط التراث بالإنسان يسهم في تطوير الحاضر وبناء المستقبل، معتبرة أن التراث الثقافي هو هويتنا الوطنية الجامعة، وأن الاستراتيجية الوطنية الحالية للوزارة تركز على وضع الثقافة والتراث في مكانتهما الصحيحة.
المديرة التنفيذية لمؤسسة العمل للأمل فيروز التميمي، أشارت إلى أن الفعالية نتاج مشروع "على خطى الموسيقا" لإظهار غنى وتنوع التراث اللامادي السوري، والدعوة للحفاظ عليه من الانقراض، مؤكدة أهمية التعايش المجتمعي والسلم الأهلي، باعتبار أن التراث أفضل طريقة لجمع السوريين.
الموسيقي المشرف الفني على الحفل فواز باقر، ذكر أنه تم تقديم ثلاث مقطوعات من تراث الرقة، ومثلها من تراث السلمية، وثلاث أخرى مشتركة، باستخدام الربابة والمجوز والشبابة والدفوف بمساندة العود والغناء بالآلات القديمة من وسط سوريا.
الموسيقي نوار زهرة من جمعية النهضة الفنية، أوضح أن الجمعية تعمل كرديف لمؤسسة العمل للأمل وتقوم بورشات عمل تدريبية على العزف والغناء داخل سوريا، ونوه بأهمية الفعالية في نشر هذا التراث الذي لم يحظ باهتمام كاف من قبل، مؤكداً أن هذه الفعاليات تعرف الناس بتراث وثقافة المناطق السورية الأخرى.
يذكر أن الدورة السابقة من معرض "على خُطى الموسيقا" أقيمت في شهر تشرين الأول من العام الماضي، بالمتحف الوطني الأردني للفنون الجميلة في عمّان، حيث عرضت التقاليد الموسيقية والآلات الشعبية ضمن 11 مجتمعاً من الأردن والعراق وسورية ولبنان.