لم تكن حدائق مدينة دوما مجرد مساحات خضراء، بل كانت دائمًا المتنفس الرئيسي للعائلات وملاذًا للأطفال. ولكن، تدهورت الأوضاع في السنوات الأخيرة بسبب الإهمال الذي طال معظم الحدائق.
في جولة بحديقة الناعورة، يلاحظ الزائر المقاعد المكسرة، وألعاب الأطفال الصدئة، والأعشاب اليابسة، والنفايات المتناثرة. الأشجار تُركت دون تقليم، والأرصفة مليئة بالحفر. هذا التدهور يعكس واقع الحدائق العامة في دمشق وريفها، التي عانت من الإهمال.
تقول سامية دوماني، أم لثلاثة أطفال: "كنا ننتظر الصيف لنخرج إلى الحديقة، أما اليوم فلا مكان آمن لأطفالنا، فالأرجوحات مكسورة والمكان أشبه بمكب النفايات."
رغم هذا، بدأت مبادرات شعبية ومدنية في ترميم الحدائق. أطلقت منظمة "بنفسج" بالتعاون مع المجلس المحلي في دوما مشروع "النقد مقابل العمل" لإعادة تأهيل أربع حدائق: الناعورة، البيئة، تيسير طه، والأنصار.
أوضح "حكمت جهاد اليوسف"، مسؤول المشروع في منظمة بنفسج، أن الهدف هو خلق فرص عمل وتحسين الخدمات، مع التركيز على إعادة الحياة للحدائق.
شارك متطوعون في أعمال تشجير، وتحسين التربة، وصيانة الأسوار والأرصفة، وطلاء الأسوار، وتركيب إنارة ومقاعد جديدة، وتنظيف شامل، وتركيب خزانات مياه، وإصلاح ألعاب الأطفال.
قال "جواد"، أحد المشاركين: "أردنا أن نعيد الأمل لأطفالنا، وأن نثبت أننا قادرون على التغيير بأيدينا."
هذه المبادرات تعيد بعض الروح لحدائق دوما، وتمنح الأهالي شعورًا بأن التغيير ممكن بجهودهم الذاتية. وبين غياب الدولة وحضور المجتمع، تبقى الحدائق شاهدة على صراع بين الإهمال والإصرار على الحياة.