فقدت الأمة الإسلامية قامة من قاماتها، هو الطبيب والعالم والمقرئ محمد نزار الدقر، أحد أبرز علماء الدين في دمشق، الذي وافته المنية عن عمر يناهز الخامسة والثمانين عاماً. اشتهر الشيخ الدقر بصبره وثباته خلال اعتقاله لأكثر من اثني عشر عاماً في سجني تدمر وصيدنايا على يد النظام البائد.
وخلال فترة اعتقاله، قام الشيخ الدقر بعمل جليل، حيث تمكن من تحفيظ القرآن الكريم كاملاً لخمسة وسبعين معتقلاً داخل السجن، والذين أتموا حفظه رغم الظروف القاسية. وعند خروجه من السجن، كان هناك خمسة وسبعون معتقلاً آخرون قد بدؤوا رحلة حفظ القرآن الكريم.
تلقى الراحل تعليمه الثانوي في مدرسة “التجهيز الأولى” بدمشق، وحصل على شهادتها عام 1957. ثم التحق بكلية الطب في جامعة دمشق، وحصل على إجازة في الطب البشري عام 1964. بعد ذلك، عمل في الطب العام لمدة عام واحد، قبل أن يتم إيفاده إلى الاتحاد السوفيتي للتخصص. هناك، تابع دراسته في المعهد العالي المركزي للأبحاث الطبية في الأمراض الجلدية، وحصل على درجة دكتوراه الفلسفة في هذا الاختصاص. بعد عودته إلى دمشق، قام بتدريس الأمراض الجلدية في المعاهد الصحية ومدارس التمريض لمدة عشر سنوات.
كان الدكتور الدقر أحد المؤسسين لـ “جمعية أطباء الجلد السورية”، وشغل منصب أمين سرها لعدة دورات، ثم نائب الرئيس. يُعد الدقر من أبرز الاستشاريين في الأمراض الجلدية والتناسلية والعلاج التجميلي، وهو دكتور في “فلسفة العلوم الطبية”، وكاتب وباحث متخصص في الطب الإسلامي والإعجاز العلمي في القرآن الكريم والسنة النبوية والطب النبوي.
بحث ودرس العديد من الموضوعات الشرعية الطبية ومسائل الطب النبوي، وتناول في أبحاثه الإعجاز الطبي في القرآن والسنة النبوية، وبين مجالاتها العملية في حياة الأمة. وقد وضع نتائج هذه الأبحاث في كتاب صدر في سلسلة من أربعة أجزاء بعنوان “روائع الطب الإسلامي”، والذي حاز بموجبه جائزة “المنظمة العالمية للطب الإسلامي”، ومقرها الكويت. له مؤلفات وأبحاث أخرى، كان أولها كتاب “العسل”، الذي نال من خلاله جائزة “منظمة التربية والعلوم والثقافة” التابعة لجامعة الدول العربية عام 1975، لأفضل مؤلف لموضوع علمي في القرآن والسنة، وله أيضاً كتاب “الحجامة والقسط البحري”، إضافة إلى كتاب “روائع الطب الإسلامي” على ثلاثة أجزاء.
نشر العديد من المقالات في عدد من المجلات، منها مقال “الختان بين الطب والإسلام” في مجلة “حضارة الإسلام”، ومقال “الهدي النبوي في تدبر الطعام والشراب وأثره على صحة الإنسان” وقد نشرت في مجلة “نهج الإسلام”.
عن: الوطن – وائل العدس