عامان مرا كالجمر، مليئان بالخراب والدم والمجازر ورائحة الدم والبارود، 20 شهراً من محاولات بائسة لتثبيت وهم الهيمنة بالقوة الغاشمة، فإذا بالمشهد ينقلب رأساً على عقب: احتلالٌ عالق في مستنقع أعمق من أي وقت مضى، وعالم يرى ويسجل ويحكم.
واليوم، بعد كل هذا الحقد والقتل والتجويع، تقفون يا أهل الشقاء والهمجية أمام العالم عراة، لا تملك حملاتكم الإعلامية ولا تصريحاتكم المكذوبة القدرة على إخفاء حقيقة واحدة: القتل والتنكيل لم ولن يصنعا نصراً على مقاوم، فلقد انكشفت أوراقكم، ورأى الناس ما كنتم تحاولون ستره.
ورغم كل الضجيج والدعاية، لم تتمكنوا من القضاء على المقاومة، بل زادت حضوراً وثقة بين أهلها، لم يأتِ “الأمن” المزعوم الذي وعدتم به، بل زادت الأرض لهيباً واشتعالاً، بل ولم تفرضوا “هيمنة كاملة”، بل اكتشفتم أن سلاحكم يقف عاجزاً أمام إرادة شعب يرفض الاستسلام.
واليوم كل صور الدمار وأنقاض الحياة وجثث الشهداء، والتقارير الأممية التي تتحدث عن جرائم حرب — كل ذلك جعل صورتكم في العالم صورة كيان متهم بالقمع والتمييز العنصري، لقد تحولت دعايتكم وأساطيركم عن “الديمقراطية الوحيدة” إلى مجرد نكتة سمجة أمام عدسات الكاميرات وشهادات المنظمات المستقلة.
أنتم الآن غارقون في خلافات سياسية، وبأسكم بينكم شديد، واتهامات متبادلة بين قادتكم المجرمين، وحتى جيشكم ومؤسستكم الأمنية لم يعودا جسماً واحداً؛ باتت الخلافات تتصدر المشهد في وقت تحترق فيه أساساتكم الباطلة لتكشف للعالم أن مشروعكم الذي بني على باطل ينهار من الداخل.
ألم تكفِ سنتان من الدم والدمار لتدركوا أن الاحتلال مشروع خاسر، وألم تكفِ آلاف الأرواح التي أُزهقت لتتأكدوا أن الحديد والنار لا يزرعان إلا مزيداً من الغضب والكراهية، ألم يحن الوقت لتدركوا أن الحل لا يمر إلا من خلال الاعتراف بحقوق الشعب الفلسطيني، وحقه في الحرية والاستقلال؟
إن استمرار هذا الجنون لا يزيدكم إلا عزلة في العالم، ولا يزيدكم إلا خسائر سياسية وأخلاقية وأن كنتم بالأساس في حل منها.
أما شعبنا البطل فأثبت في كل شبرٍ من أرضهم أنهم شعبٌ لا يُقهر، شعبٌ ينهض من تحت الركام، يزرع الأمل من بين الدمار، ويبني حريته في كل يوم جديد، لقد راهن الاحتلال على الزمن وقال الهالكون من قادتكم الكبار يموتون والصغار ينسون لكن الزمن لم يعد في صالحكم، ففي كل يوم يمر، يتضاعف فيه فشلكم وتتكشف فيه الحقيقة أكثر وأكثر (موقع اخبار سوريا الوطن الالكتروني-2)