السبت, 19 يوليو 2025 09:51 PM

زيارة براك الثالثة إلى لبنان: ضغوط أمريكية متزايدة وسط ترقب حذر من السلطات

زيارة براك الثالثة إلى لبنان: ضغوط أمريكية متزايدة وسط ترقب حذر من السلطات

يستعد المبعوث الأمريكي توم براك للقيام بزيارته الثالثة إلى لبنان في بداية الأسبوع المقبل، حاملاً معه الرد الأمريكي على الورقة اللبنانية المقدمة.

ووفقًا لمصادر غربية، ترى واشنطن أن قرار نزع سلاح "حزب الله" هو قرار متخذ دوليًا وإقليميًا، بغض النظر عن المدة التي قد يستغرقها تنفيذه. وتعتبر أن الاستعراضات التي يقوم بها الحزب لن تعيق تنفيذ قرار عودة السيادة اللبنانية. كما سيؤكد براك على أهمية الإسراع في وضع التشريعات المالية التي من شأنها أن تسمح للقطاع المصرفي باستعادة عافيته ودوره، وتوزيع المسؤوليات على الأطراف المعنية.

وترى واشنطن أنه يجب على السلطات اللبنانية العمل بجد لضمان عدم بقاء البلاد على هامش الانتظار، مؤكدة أنه لا يمكن تقديم المساعدة للبنان قبل حسم ملف السلاح وتحقيق الاستقرار السياسي والاجتماعي والمالي.

وكان المبعوث الأمريكي توم براك قد توجه إلى لبنان بعد السابع من تموز، عقب تسليم الحكومة اللبنانية رسالة أمريكية تطالبها باتخاذ خطوات فورية لنزع سلاح "حزب الله" والميليشيات الأخرى، وذلك للحصول على رد من السلطات اللبنانية. وكانت واشنطن قد منحت لبنان مهلة عدة أشهر (حتى الصيف) لتحقيق تقدم ملموس نحو هذا الهدف وتنفيذ الإصلاحات المالية والاقتصادية. إلا أنها شعرت بإحباط متزايد نتيجة لجمود السلطات اللبنانية، ولهذا السبب سيتم الضغط مجددًا على الحكومة، حيث يسعى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى تحقيق إنجاز في هذا الملف.

وأكد الرد اللبناني على الورقة الأمريكية التزام السلطات بنزع سلاح الحزب جنوب نهر الليطاني بحلول الموعد النهائي (قبل نهاية العام)، مع وعد بنزع السلاح على نطاق أوسع في مرحلة لاحقة وبشكل تدريجي. ويشير هذا إلى أن الحزب سيستمر في الاحتفاظ بسلاحه، وقد تتأجل مرة أخرى فرصة تحقيق بسط السيادة اللبنانية على كامل الأراضي. وبعد اتفاق وقف النار في تشرين الثاني 2024، التزمت السلطات اللبنانية بمصادرة أسلحة الحزب وتفكيك بنيته التحتية العسكرية في جميع أنحاء البلاد، وتعهد الرئيس المنتخب جوزف عون ورئيس مجلس الوزراء نواف سلام بتنفيذ الإصلاحات المالية الشاملة.

ولكن بعد مرور أكثر من 7 أشهر على وقف النار، بدا أن هناك تباينًا في وجهات النظر بين واشنطن وبيروت حول مدى أهمية سرعة تنفيذ هذه الإجراءات. واعتبر الرئيس الأمريكي أن اللحظة مناسبة لاتخاذ خطوات جريئة بعد أن أُضعف "حزب الله" عسكريًا. وتقر واشنطن بأن هذا الضعف لن يدوم نظرًا إلى أن إيران تعيد بناء قدراته في غياب الجهود اللبنانية الاستباقية لترسيخ تراجع قدرات الحزب. في المقابل، تعتبر بيروت أن أولويتها هي تفادي مواجهة مباشرة مع الحزب.

وفي هذا السياق، يسعى الرئيس عون إلى إقناع الحزب بالتخلي عن سلاحه الثقيل من خلال حوار أو مفاوضات، ولكن التجارب السابقة للإدارة الأمريكية أظهرت أن الحوار ليس سوى أسلوب تسويفي معتاد للجماعة والحكومات المتعاقبة، إذ يعتبر الحزب أن أي حوار حول استراتيجية دفاعية يهدف إلى الإبقاء على ترسانته.

لذلك، يشير الحزب إلى أنه ليس مهتمًا بنزع سلاحه، وقد أكد أمينه العام نعيم قاسم أنه لن يناقش هذا الملف مع السلطات اللبنانية، وهو يواجه خطرًا وجوديًا ويطمح إلى التفاوض مباشرة مع واشنطن للحصول على ضمانات حول مستقبله السياسي. غير أن الولايات المتحدة ترفض هذه الفكرة. وهي تعتبر أن الوضع الحالي مخيب للآمال نظرًا إلى ما قام به الجيش بعد توقيع وقف النار بمساندة القوة الدولية "اليونيفيل" في جنوب لبنان، حيث صادر أسلحة الحزب وفكك بنيته التحتية. وأشادت واشنطن بالقوات العسكرية اللبنانية التي كانت فعالة إلى حد كبير وتجنبت المواجهة. لكن الجهود الرامية إلى نزع السلاح شمال الليطاني لم تكن كافية، حتى أنها متوقفة نتيجة الافتقار إلى توجيه سياسي من السلطات اللبنانية.

وفقدان هذا الزخم أدى إلى إحباط الداعمين الخارجيين للبنان، بحيث يتحول الاهتمام الغربي والعربي إلى سوريا التي تستفيد من رفع العقوبات وتدفق الأموال العربية، بينما لبنان ما زال يقبع تحت أنقاض الحرب التي لم تتوقف.

وقد تشكل زيارة براك نقطة تحول بعد أن أكدت بيروت نيتها اتخاذ خطوات أكثر جدية لنزع السلاح، الأمر الذي سيساعد واشنطن على الضغط على إسرائيل لانسحاب قواتها من جنوب لبنان، ووقف الغارات الجوية الإسرائيلية، وتحقيق تقدم في ترسيم الحدود وإطلاق عملية إعادة الإعمار.

ويبدو أن أي تباطؤ لبناني في تنفيذ ورقة الطريق الأمريكية قد يؤدي إلى انسحاب واشنطن من دورها السياسي التفاوضي، وستكون لديها خيارات أخرى قد تؤدي إلى عدم تأمينها الغطاء الأمني للبنان، مما يفتح الباب أمام سيناريوهات عديدة قد تعكر الأجواء اللبنانية.

من الواضح أن الحكومة اللبنانية تسعى إلى إنهاء الضربات الإسرائيلية والمحافظة على علاقتها مع واشنطن، ولكن طالما احتفظ الحزب بقدرات عسكرية فإن السياسة اللبنانية لن تعكس الواقع الجديد بعد الحرب كما تطمح واشنطن، وستبقى السيادة هدفًا بعيد المنال.

أخبار سوريا الوطن١-وكالات-النهار

مشاركة المقال: