الخميس, 4 ديسمبر 2025 01:30 PM

زيارة وفد مجلس الأمن إلى سوريا: دلالات الاستقرار والتحولات الدولية

زيارة وفد مجلس الأمن إلى سوريا: دلالات الاستقرار والتحولات الدولية

تحمل زيارة وفد مجلس الأمن الدولي إلى سوريا جملة من المضامين والرسائل المهمة على المستويين الداخلي والخارجي، وتتزامن مع الذكرى السنوية الأولى للتحرير ودخول سوريا مرحلة جديدة ما بعد الصراع.

تجسد الزيارة انعطافة مهمة في السياسات الدولية تجاه سوريا، وتشير، حسب المحللين السياسيين المتابعين للشأن السوري، إلى تحول كبير في طريقة فهم المجتمع الدولي للوضع السوري، وتطرح تساؤلات حول التوجهات المستقبلية للبلاد في ظل الظروف المستجدة.

لقد مرت سوريا بتجربة صعبة ومعقدة على مدار أكثر من عقد من الزمن، تم خلالها، نتيجة سياسات النظام البائد، إضعاف مقدرات سوريا الاقتصادية، وتهميشها سياسياً عبر الدخول بسياسة المحاور والتحالفات الضيقة، ما أدى إلى انقسام المجتمع السوري بين أطراف مختلفة. ولكن بعد سنوات من الصراع الدموي، ومع مرور عام على تولي الإدارة الجديدة برئاسة الرئيس أحمد الشرع مقاليد الأمور، بدأت تظهر مؤشرات واضحة إلى استقرار البلاد على الرغم من التحديات العديدة. وفي هذا السياق، تشير زيارة أعضاء مجلس الأمن الدولي إلى تغير في الموقف الدولي حيال سوريا، فقد أصبح من الواضح أن هناك قبولاً متزايداً بالواقع السوري الجديد، الذي يتمثل في العودة إلى الاستقرار.

وترى مصادر إعلامية أن تزامن هذه الزيارة مع الذكرى السنوية الأولى للتحرير يمثل خطوة مهمة نحو تعزيز وحدة سوريا وإعادة تأكيد قدرتها على قيادة عملية التعافي الوطني بنفسها، بعيداً عن التدخلات الخارجية أو الضغوط الدولية التي كانت سائدة في السنوات الماضية أيام النظام البائد، مشيرة إلى أن هذا التوقيت يبرز التقدير الدولي للمسار الذي اتخذته الحكومة السورية الجديدة بالتعامل مع تحديات ما بعد انتصار الثورة، وتماسك المؤسسات السياسية والاقتصادية في البلاد.

من أبرز السمات التي يمكن رصدها في الزيارة، كما يظهر من خلال مواقف أعضاء مجلس الأمن، هو القبول الدولي الواسع بالواقع السوري الجديد. ففي حين كانت هناك شكوك ورفض في البداية من بعض الدول حول قدرة سوريا على استعادة الاستقرار، يبدو أن الدول الأعضاء في المجلس بدأت تدرك أن سوريا قد تجاوزت مرحلة الصراع الطويل وأنها تتجه بثبات نحو التعافي. هذا التحول في المواقف يعكس تغيراً استراتيجياً في التعاطي مع سوريا، ويعزز مصداقية الحكومة الجديدة بقيادة المرحلة المقبلة.

وبعد مضي عام على التحرير، وجملة المواقف والخطوات الإيجابية التي أقدمت عليها دمشق، فإن النظرة الدولية إليها قد تغيرت ولم يعد ينظر إلى التعامل مع سوريا من زاوية إدارة الأزمات فقط، بل بدأ ينظر إليها كمثال على إمكانية عودة الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط بعد فترات من الفوضى والصراعات المستمرة.

ومن هذا المنظور، يمكن اعتبار الزيارة بمنزلة اعتراف ضمني من المجتمع الدولي بأن سوريا أصبحت دولة قادرة على إتمام عملية التعافي وقيادتها بشكل مستقل، من دون الحاجة إلى تدخلات خارجية.

أحد الأبعاد المهمة التي تحملها هذه الزيارة هو استعداد المجتمع الدولي لإعادة الانخراط مع سوريا بشكل إيجابي، والتفاعل معها كدولة ذات سيادة، مع الإقرار بشرعية خياراتها الوطنية. هذا التوجه يعكس تنامي قناعة لدى العديد من الدول بأن التعامل مع سوريا كدولة قوية وموحدة ستكون له انعكاسات إيجابية على الاستقرار الإقليمي والدولي، خاصة في ظل الوضع الراهن في منطقة الشرق الأوسط.

وتؤكد مصادر إعلامية أن إعادة الانخراط مع سوريا قد تشمل تعزيز التعاون في مجالات الاقتصاد، والتجارة، والتمويل، فضلاً عن التنسيق الأمني بمحاربة الإرهاب، ما من شأنه أن يسهم في تعزيز الدور الإقليمي لسوريا، خاصة في سياق معركة إعادة الإعمار التي تعد أحد أكبر التحديات التي تواجه البلاد في السنوات المقبلة.

ومما لا شك فيه أن الزيارة تأتي في وقت بالغ الأهمية، حيث تشهد البلاد تحولات كبيرة على المستوى الداخلي والخارجي، ومع تزايد الاعتراف الدولي باستقرار سوريا، وبداية مرحلة جديدة ما بعد الصراع، فإن سوريا تبدو على أعتاب مرحلة من التعافي والبناء، ومن المؤكد أن المجتمع الدولي، من خلال هذه الزيارة، يعترف بالصمود الكبير الذي أظهره الشعب السوري، ويعبّر عن استعداده لإعادة الانخراط مع سوريا كدولة ذات سيادة.

مشاركة المقال: