الجمعة, 24 أكتوبر 2025 12:23 AM

سوريا: البنك الدولي يكشف عن تحديات إعادة الإعمار وتكلفتها الباهظة

سوريا: البنك الدولي يكشف عن تحديات إعادة الإعمار وتكلفتها الباهظة

كشف البنك الدولي عن تقديرات تفيد بأن تكلفة إعادة الإعمار في سوريا تبلغ نحو 216 مليار دولار، وهو رقم يعادل عشرة أضعاف الناتج المحلي الإجمالي المتوقع للعام 2024. هذا الرقم يعكس حجم الدمار الهائل الذي خلفته الحرب في البلاد. وتشير البيانات إلى أن نصف هذه التكلفة، أي حوالي 108 مليارات دولار، يمثل الأضرار المباشرة، بينما يمثل النصف الآخر استثمارات إعادة التأهيل والتنمية، مما يؤكد الحاجة إلى جهود ضخمة ومستدامة في هذا الملف.

أوضح الباحث في الشؤون السياسية والاقتصادية المهندس باسل كويفي في حديث لـ "الحرية" أن ضخامة الأرقام تتجاوز القدرات المالية للحكومة السورية الحالية، وتعكس تحديات سياسية واقتصادية معقدة، أبرزها ضرورة تحقيق استقرار سياسي وإرادة داخلية، إلى جانب التعاون الدولي والإقليمي. وأشار إلى أن هذه العملية ستستغرق عقوداً من الزمن لإعادة بناء البلاد.

كويفي: تبدو عملية الإعمار أضخم مشروع إنساني وإنشائي في العالم

وقدم كويفي تحليلاً من زوايا مختلفة:

  1. التحليل الكمي: شدد كويفي على أن مبلغ 216 مليار دولار هو ثمن "إعادة البناء" فقط، أي استعادة ما تضرر أو هُدم، دون احتساب التكاليف الاقتصادية غير المباشرة مثل فقدان النمو، هروب رؤوس الأموال، وتراجع قطاعات الزراعة والسياحة والصناعة. كما لا تشمل هذه التكلفة الباهظة تأثيرات الكارثة على الأفراد من حيث الصدمات النفسية، العجز الدائم، الهجرة، وفقدان رأس المال البشري المحتمل نتيجة انقطاع التعليم والرعاية الصحية.
  2. التحليل الجغرافي: تتركز الأضرار الكبرى في محافظات حلب وريف دمشق وحمص، وهي المراكز الاقتصادية والسكانية التي شهدت أعنف المعارك. فتدمير حلب، العاصمة الاقتصادية، يشل قلب الإنتاج السوري، بينما يؤثر تدمير حمص على سلاسل الإمداد والتوريد، ويؤدي توقف النشاط في ريف دمشق والضواحي إلى تضعضع البنية الاقتصادية والاجتماعية، ما يجعل هذه المحافظات أولوية لإعادة الإعمار، رغم ارتفاع تكاليفها.
  3. الاستنتاجات والتحديات: يتضمن تقرير البنك الدولي رسائل جوهرية، بدءاً بالخسائر الإنسانية التي يتخطى أثرها البنية التحتية لتصل إلى الإنسان نفسه. كذلك، يشير إلى أن أية خطة لإعادة الإعمار لا يمكن أن تنجح دون حل سياسي متوازن يرتبط بخطة دعم دولية، فالتكلفة المالية والاقتصادية تفوق قدرات أي طرف منفرد. كما يعاني الملف من فخ الديون والشروط المرتبطة بها، والتي قد تضع السيادة الوطنية تحت ضغط. أيضاً، تبرز معضلة الأولويات في إعادة الإعمار، بين تأمين المأوى، والخدمات الصحية، والبنية التحتية للنقل والإنتاج.

ويرى كويفي أنه رغم الدقة في التشخيص، فإن التقرير لا يقدم حلولاً جاهزة، مما يعكس تعقيد الأزمة السورية. فالتكلفة الفعلية قد تكون أعلى مع الحاجة إلى معالجة الكوارث البيئية، تحديث البنى التحتية إلى أنظمة ذكية، وتأمين إعادة توطين السكان النازحين. تبدو عملية الإعمار أضخم مشروع إنساني وإنشائي في العالم، يتطلب استقراراً سياسياً وسلاماً مستداماً، إلى جانب حوكمة رشيدة وشفافية مطلقة، وتعاوناً دولياً غير مسبوق لتجنب الفساد وضمان استغلال الموارد بفعالية.

اخبار سورية الوطن 2_وكالات _الحرية

مشاركة المقال: