الإثنين, 19 مايو 2025 02:38 PM

سوريا بعد الخوف: هل يستعيد السوريون ثقتهم بأنفسهم؟

سوريا بعد الخوف: هل يستعيد السوريون ثقتهم بأنفسهم؟

م. نضال رشيد بكور

بعد عقود من الخوف، يبرز السؤال الجوهري: هل يستطيع السوري أن يثق بنفسه مجدداً؟ لم تكن "جمهورية الخوف" مجرد نظام سياسي، بل كانت حالة نفسية جماعية أُقنع فيها السوري لسنوات بأن المبادرة خطر، وأن الصمت نجاة، وأن الاقتراب من دوائر القرار هو الطريق الوحيد للنجاح.

فُرضت على المواطن حدود داخلية تمنعه حتى من التفكير بواقع مختلف، وكأن الخوف أصبح جزءاً من الهوية. اليوم، ومع زوال ذلك النظام القائم على التهديد، تبدأ مرحلة أكثر تعقيداً: مرحلة استعادة الثقة بالذات.

الثقة بالنفس ليست شعاراً يُرفع في الساحات، بل تجربة يومية يُخاض بها غمار الحياة. أن يثق السوري بنفسه يعني أن يتخذ قراراته، وأن يؤمن بأن له الحق في الحياة الكريمة، وأن صوته له وزن، وأن مستقبله ليس رهينة لمزاج السلطة.

لكن هذه الثقة لا تولد من الفراغ، بل تحتاج إلى بيئة تحترم الإنسان، وإلى منظومة قانونية تحمي الحقوق، وإلى نخب جديدة تؤمن بالشراكة لا بالهيمنة.

إن التحول من الخوف إلى الثقة هو أصعب من إسقاط الجدران السياسية، لأنه يتطلب إسقاط الجدران النفسية داخل كل فرد. وهذه مهمة جيل كامل، لا قرار عابر.

لن تتغير البلاد دون أن يؤمن أهلها أنهم قادرون على التغيير. والسوريون، بما امتلكوه من تجارب قاسية وخبرات متراكمة، يملكون كل المقومات لبدء هذه الرحلة الصعبة والمصيرية.

(يتبع)

مشاركة المقال: