الإثنين, 5 مايو 2025 01:43 AM

سوريا تواجه تحديات ما بعد الصراع: كيف تكسب الإعلام قلوب وعقول السوريين؟

سوريا تواجه تحديات ما بعد الصراع: كيف تكسب الإعلام قلوب وعقول السوريين؟

علي عيد: تتخطى سوريا واحدة من أصعب المراحل في تاريخها الحديث، الذي يمتد لأقل من 80 عامًا منذ الاستقلال. نحو 54 عامًا منها خضعت لحكم سلطوي ركز على بث الخوف بدلًا من كسب ثقة الشعب. شهدت البلاد بين عامي 1946 و 1970 محاولات غير مكتملة لتعزيز الهوية الوطنية، خاصة في الخمسينيات، لكنها لم تنجح في ترسيخها. لذا، فإن النزاعات المحتملة بعد انتهاء حكم الحزب الواحد تعود إلى مشكلة عدم الاندماج الاجتماعي وضعف الثقة بالسلطة، سواء بسبب الخوف أو الانتماءات الفرعية.

بعد سقوط النظام، ليس مستغربًا ظهور النزعات الكامنة. فتحرير البلاد من السلطة الغاشمة يجلب الارتياح، لكنه يجب أن يترافق مع معركة أخرى أكثر صعوبة وتعقيدًا: "معركة كسب العقول والقلوب"، في بلد إما أن ينتصر جميعه أو يخسر جميعه.

"كسب العقول والقلوب" استراتيجية تبنتها دول كبرى مثل الولايات المتحدة وبريطانيا. تتركز أهميتها في الإطار الوطني الداخلي، عندما تسود مشاعر عدم الثقة والتمرد والنزاعات الداخلية، أو الاضطرابات التي تغذيها خلفيات دينية أو عرقية أو أيديولوجية، سواء بدفع ذاتي أو دعم خارجي.

تقوم الاستراتيجية على توجيه نداءات عاطفية أو فكرية. يشير مقال متخصص من معهد "هوفر" إلى أن كسب "القلوب والعقول" لا يعني مجرد اتباع نهج لين، بل يتطلب تغيير عقلية الجمهور المستهدف، وأحيانًا تدابير صارمة.

ويضيف المقال المنشور في شباط 2024، أن تغيير العقلية يجب أن يترافق مع دعم المجتمعات المحلية وتفاعل قوات الأمن مع السكان، بالإضافة إلى حملة إعلامية فعالة.

هذا ليس نهجًا "ميكافيليًا"، بل ضرورة حتمية في بلد أدت فيه سنوات التضييق السياسي والأمني والصراعات وسياسات التطييف إلى انعدام الثقة بين المواطنين.

الإعلام يلعب دورًا حاسمًا في استراتيجية "كسب العقول والقلوب"، فهو يمثل تسعة أعشار الحل والمشكلة. مثال على ذلك، تسجيل صوتي يهاجم النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) انتشر بسرعة وتسبب في انعدام الثقة وأحداث أمنية مؤسفة، وتدخل جهات خارجية. لا يستبعد البعض أن يكون التسجيل مفبركًا في إسرائيل، بهدف إبقاء سوريا منقسمة.

تتبنى وزارة الإعلام في الحكومة السورية الجديدة استراتيجية لإعلام يتمتع بالحرية، وفقًا لوزير الإعلام د. حمزة المصطفى. هذه الاستراتيجية تحتاج إلى ركائز عدة في إطار "معركة كسب العقول والقلوب"، منها:

  • التركيز على المبادرات والمشتركات الوطنية.
  • تعظيم الرمزيات الوطنية الجامعة.
  • وضع قوانين ومدونة سلوك تجرّم التعاطي المنفلت وخطاب الكراهية، مع شرح أهمية القانون للصحفيين والجمهور.
  • تبني سياسات تحريرية تحترم مدونة السلوك وتفرض عقوبات على المخالفين.
  • خطة عمل مشتركة بين وزارة الإعلام والوزارات الأخرى لضمان وصول رسالة واعية إلى الجمهور.
  • قصر الاعتماد على المؤثرين في قضايا خدمية إيجابية ومنع التداول المنفلت في القضايا الأمنية والسياسية.
  • تشكيل وحدة متابعة ورصد ومعالجة لتغطية فجوة انفلات وسائل التواصل والتعاون مع جهات متخصصة في تتبع النشاط المشبوه.

كسبت دول كثيرة معركة "كسب القلوب والعقول"، وسوريا بأمس الحاجة إليها. لتكن "معركة" يشارك فيها الجميع وينتصرون معًا.

مشاركة المقال: