الجمعة, 2 مايو 2025 10:29 PM

سوريا على مفترق طرق: هل ينتصر صوت العقل أم تنزلق البلاد نحو الفتنة؟

لم تحسن السلطات السورية التعامل مع أزمة التسجيل الصوتي المفبرك المنسوب لأحد مشايخ الطائفة الدرزية، مما أتاح الفرصة لفصائل متطرفة للتحرك في مناطق ذات غالبية درزية في جرمانا وأشرفية صحنايا، في محاولة لمعاقبة الطائفة بأكملها. وسبق ذلك محاصرة طلاب جامعيين في حلب وحمص، مما هدد حياتهم ودفع الأهالي للمطالبة بعودتهم.

إذا كان الشخص المنسوب إليه التسجيل الصوتي مسؤولاً حقاً، فهل من المنطقي أن يكون الرد بالاعتداء على طائفة بأكملها؟ وأين كان العقلاء؟ وحتى في ظل الخلافات حول الوضع الأمني في السويداء وتسليم السلاح، هل يبرر ذلك استهداف مناطق تواجد الدروز؟ وما تفسير انقضاض ميليشيات على مدن وقرى درزية بذريعة الثأر؟

هذه أسئلة مشروعة تتطلب إجابات، خاصة وأن الاعتقالات والتصرفات غير اللائقة لم تتوقف بعد انتهاء العمليات العسكرية في أشرفية صحنايا. التوتر لا يزال قائماً، وهناك احتمال لتدهور الأوضاع وانفجار كبير في الجنوب السوري، مما قد يؤدي إلى تدخل إسرائيلي يخدم مخططات إقامة مناطق عازلة لما بعد عملية "طوفان الأقصى". وتدرك دمشق أن إسرائيل تتحين الفرصة لتوسيع الحزام الأمني الذي قد يمتد من جنوب لبنان إلى الحدود السورية العراقية تحت مسمى "ممر داوود".

ترك الأمور على حالها سيؤدي إلى تفاقمها وتهيئة الظروف لإعادة خلط الأوراق على الساحة السورية. وأحداث الساحل، التي يعتقد أنها مدبرة من قبل فلول النظام وبمساعدة إيرانية عبر "حزب الله"، لم تؤد إلى تغيير حقيقي في البناء الأمني للدولة. ولا تزال ميليشيات تابعة لـ "هيئة تحرير الشام" تتحرك خارج إطار الدولة.

هذا يثير مخاوف فئات مثل الطائفة الدرزية والأكراد من تسليم السلاح بشكل كامل في ظل وجود قوى مسلحة أجنبية وخارجة عن سيطرة الحكومة. وتحتاج الحكومة بقيادة الرئيس أحمد الشرع إلى معالجة قضية الأمن الشائكة، والحوار السياسي ومكافحة التحريض الطائفي ضروريان.

التدخل الإسرائيلي سيبقى محدوداً إذا أحسنت الحكومة التصرف بحكمة. أما إذا لم تتم معالجة الهواجس، فسيستغل الإسرائيليون الموقف لتوسيع تدخلهم تحت عنوان "حماية الأقليات". سوريا المستقبل يجب أن تكون جامعة لأهلها بمساواة وعدالة ووحدة حال، حيث يشعر كل مواطن بأنه صاحب الدار.

يجب أن تدفع أحداث الأيام الأخيرة الجميع، وفي المقدمة أركان الطائفة الدرزية والقيادة السياسية في دمشق، إلى تحكيم العقل لتفويت الفرصة على من يسعون إلى دفع سوريا إلى حرب أهلية مفتوحة. الكرة الآن في ملعب الرئيس الشرع وأركان الطائفة الدرزية. يجب أن يمسك العقلاء بزمام الأمور قبل أن تتدهور الأمور نحو الأسوأ.

مشاركة المقال: