أعلنت وزارة المالية السورية يوم الأربعاء 27 آب عن إنجاز القانون المالي الأساسي الجديد، ليحل محل القانون المالي الأساسي "رقم 54" لعام 2006.
أوضح وزير المالية السوري، محمد برنية، عبر “لينكد إن”، أن الوزارة استلمت عشرات الملاحظات والمقترحات بعد توزيع المسودة الأولى من القانون للتشاور العام قبل أكثر من شهر، وتم أخذها في الاعتبار. وأضاف أن القانون، الذي يتضمن 103 مواد، يهدف إلى تعزيز الحوكمة الرشيدة في إدارة المال العام.
اللامركزية الإدارية واعتمادات الكوارث
برز في القانون المالي الأساسي الجديد، بحسب "الفقرة 2" من المادة السادسة (التي حصلت عنب بلدي على نسخة منها)، الإشارة إلى "اللامركزية" في "الوحدات الإدارية المحلية اللامركزية". وتنص الفقرة على أن اللامركزية لا تخل بالمسؤولية القانونية للموظفين المكلفين بالأعمال والمهام المالية والمحاسبية في حال مخالفتهم لأحكام هذا القانون أو القوانين أو الأنظمة والقرارات المتعلقة به.
كما تنص "المادة 17" من القانون على أنه في حال عدم إقرار الموازنة العامة للدولة من قبل مجلس الشعب قبل بدء السنة المالية، تفتح اعتمادات شهرية مؤقتة بمرسوم على أساس جزء من 12 جزءًا من اعتمادات السنة المالية السابقة، وهو ما يتم تطبيقه حاليًا من خلال "الموازنة الاثني عشرية" التي أعلنت عنها المالية بداية العام 2025، بعد إلغاء قانون موازنة النظام السابق.
وتخول المادة "19" الأمين العام لرئاسة الجمهورية (حاليًا ماهر الشرع) بفتح الاعتمادات اللازمة بقرار من الوزير المختص في حالات الكوارث أو الظروف الاستثنائية التي تهدد أمن الدولة أو مصالحها العليا ومواجهة المتغيرات الاقتصادية غير المتوقعة التي تؤثر على تنفيذ الموازنة العامة للدولة.
"السلطة التشريعية" المخولة إقرار الموازنة العامة
وفقًا للمادة "26" من القانون، تتولى الأمانة العامة لرئاسة الجمهورية دراسة مشروع الموازنة العامة، وبعد اعتماد صيغته النهائية ترفعه إلى رئيس الجمهورية مرفقًا بتقرير الوزير (وزير المالية) لإحالته إلى مجلس الشعب، وذلك قبل 60 يومًا على الأقل من بداية السنة المالية التي تعود لها تلك الموازنة.
فيما ذكرت المادة "27" أنه يتم إقرار الموازنة من قبل السلطة التشريعية (دون تحديد ما إذا كان المعني بها رئيس الجمهورية أم مجلس الشعب أو كلاهما). وتشير المادة "32" إلى اعتماد المركزية أساسًا في صرف النفقات، ويجوز تطبيق اللامركزية بشكل منضبط ومحدد في بعض الحالات، ريثما تستكمل المتطلبات التقنية والفنية اللازمة لتعزيز مركزية الصرف (دون تحديد ما هي تلك الحالات). ويتم تطبيق المركزية في توريد الإيرادات للخزينة العامة للدولة حسب المادة "47".
مبادئ القانون المالي الأساسي
يشمل القانون الجديد، وفقًا لوزير المالية، العديد من المبادئ منها:
- ترسيخ وحدة الموازنة العامة، فقد تم النص على إدراج جميع ايرادات الدولة ونفقاتها ضمن الموازنة العامة.
- تعزيز الشفافية والرقابة، حيث تم التشديد على اعتماد الرقابة المسبقة والآنية المرافقة لعمليات الصرف، اضافة إلى الرقابة اللاحقة.
- التحيط المالي متوسط الأجل، حيث تم التأكيد على ربط الموازنة بالخطة الوطنية للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، وخطط الوزارات والهيئات.
- ضبط إدارة الدين العام، فقد تم وضع ضوابط أكثر تفصيلًا وتشديدًا لعمليات الاقتراض الداخلي والخارجي، بما يكفل تحقيق الاستدامة المالية.
- تعزيز الكفاءة في الإنفاق، إذ سيتم الانتقال من التركيز على البنود التقليدية للإنفاق إلى ربط التمويل بتحقيق نتائج وأهداف محددة، بما يمهد لتهيئة الظروف المناسبة للانتقال التدريجي نحو موازنة البرامج والأداء.
- الموازنات المستقلة للجهات العامة ذات الطابع الاقتصادي، تم التأكيد على أن جهات القطاع العام ذات الطابع الاقتصادي تتمتع بالاستقلالين المالي والإداري، ولذلك مُنحت المرونة الكافية في إدارة رأسمالها، دون أن تُلزم وزارة المالية بتغطية عجزها.
- التأكيد على الاستقلال المالي للوحدات المحلية والوقفية، حيث جرى التأكيد على منحها استقلالية مالية، مع استمرار خضوعها للإشراف المركزي من قبل وزارة المالية عبر إلزامها بتقديم تقارير دورية عن نشاطها المالي.
- تحسين كفاءة العمليات المحاسبية، فقد تم التأكيد على الالتزام بمبدأ الاستحقاق وتطبيق معايير المحاسبة الدولية في القطاع العام، مع الإبقاء على هامش من المرونة.
- توسيع مبدأ المساءلة المالية، تم إلزام الجهات العامة بمسؤوليات واضحة ومحددة في مجال التنفيذ، مع الإبقاء على سلطة الإشراف والرقابة بيد وزارة المالية، إلى جانب تعزيز دور الأجهزة الرقابية.
وأشار وزير المالية السوري، إلى أن هذا القانون سيأخذ مسار الإصدار، معتبرًا أنه “لا يزال هناك متسع لاستلام ملاحظات حوله”.
تأخير في إنجاز القانون
بدأت اللجنة المشكلة لإعداد القانون المالي الأساسي أعمالها في 29 حزيران الماضي، واستغرقت نحو شهرين لإنجاز أعمالها، علمًا أن قرار تشكيل اللجنة من قبل وزير المالية حدد لها فترة أقصاها 15 تموز لتقديم نتائج أعمالها. القرار الذي سبق ونشرته تفاصيله عنب بلدي، يستهدف “تحقيق تغيير نوعي في القانون، لتنظيم أفضل لإدارة الصرف والإيرادات، والخروج من القيود المركزية، واستخدام الدفع الرقمي وتطوير مهام المراقب المالي ومسؤولياته وغيرها”.
وتتشكل اللجنة من:
- نائب وزير المالية، محمد عبد الحليم أبا زيد: مشرفًا
- مستشار وزير المالية، محمد حمندوش: عضوًا
- رئيس قسم المحاسبة في كلية الاقتصاد بجامعة “دمشق”، بطرس ميالة: عضوًا
- مديرة الموازنة العامة، رانيا تغلبي: عضوًا
- مديرة الخزينة، مثال هويدي: عضوًا
- ممثل واحد عن الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش على ألا تقل عن مرتبة مدير: عضوًا
- ممثلين اثنين عن الجهاز المركزي للرقابة المالية على ألا تقل عن مرتبة مدير: عضوًا