الأحد, 1 يونيو 2025 08:04 PM

سوريا وغسيل الأموال: ما المطلوب للخروج من القائمة الرمادية؟

سوريا وغسيل الأموال: ما المطلوب للخروج من القائمة الرمادية؟

تعد ظاهرة "غسيل الأموال" من القضايا الاقتصادية الخطيرة التي تؤثر سلبًا على الاستقرار المالي والاقتصادي في سوريا. وتصنف مجموعة العمل المالي الدولية سوريا ضمن القائمة الرمادية، بشأن غسيل الأموال.

وكان المبعوث الألماني إلى سوريا، ستيفان شينك، طالب في 27 من أيار، بإزالة اسم سوريا من قائمة غسيل الأموال، متطلعًا إلى شراكة بلاده مع الحكومة السورية بعد رفع العقوبات. وقال المبعوث الألماني في تصريحات نقلتها قناة "الجزيرة" القطرية، إنه يجب رفع العقوبات عن سوريا من أجل تعزيز الاستثمار، وشطب اسم سوريا من قائمة غسل الأموال".

شينك أعرب عن تطلع بلاده إلى شراكة مع الحكومة السورية بعد رفع العقوبات الأمريكية والأوروبية، آملًا تعزيز الشراكة معها في مجالات الطب والتعليم والنقل.

ومنذ إدراجها في القائمة الرمادية لمجموعة العمل المالي في عام 2010، واجهت سوريا تحديات كبيرة في مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، مما أدى إلى تفاقم الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، بحسب ما يرى نائب عميد كلية الاقتصاد في جامعة حماة، عبد الرحمن محمد.

وخلال حديثه، اعتبر الدكتور عبد الرحمن محمد، أن سوريا تعاني "من ضعف في الإشراف المالي، وغياب التشريعات الفعالة، ما يجعلها بيئة خصبة للأنشطة غير المشروعة". وأشار إلى أن وجود سوريا في القائمة الرمادية لمجموعة العمل المالي يعني "أن البلاد تخضع لمراقبة دولية مشددة، بسبب أوجه القصور في نظامها لمكافحة غسل الأموال".

واعتبر نائب عميد كلية الاقتصاد أن استمرار وجود سوريا في القائمة الرمادية يعكس عدم كفاية الإجراءات المتخذة لمواجهة هذه الظاهرة، ما يؤثر على ثقة المستثمرين ويزيد من تكاليف المعاملات المالية.

ويرى الدكتور محمد، فإن هذا يُعتبر "إنذارا للحكومة السورية بضرورة تنفيذ إصلاحات عاجلة لتحسين نظام مكافحة غسل الأموال وتمويل أي عمليات مسلحة ضد البلد حاليا".

كيف تشطب من القائمة

تتطلب مكافحة غسيل الأموال في سوريا جهودًا متكاملة تشمل تعزيز الشفافية، وتطوير الأنظمة القانونية، وتحسين التعاون الدولي.

ويرى نائب عميد كلية الاقتصاد في جامعة حماة، أن سوريا "بيئة نشطة لغسيل الأموال"، بسبب ضعف الرقابة المالية، وغياب الشفافية في المعلومات المتعلقة بالمعاملات المالية".

ولمكافحة هذه الظاهرة، اقترح عدة إجراءات يجب اتخاذها منها:

  • تعزيز وتطوير التشريعات: تطوير قوانين صارمة لمكافحة غسل الأموال.
  • تحسين الرقابة: إنشاء هيئات رقابية فعالة لمتابعة الأنشطة المالية المشبوهة.
  • تعزيز التعاون مع المنظمات الدولية مثل مجموعة العمل المالي لتبادل المعلومات والخبرات.
  • تدريب العاملين في القطاع المالي على كيفية التعرف على الأنشطة المشبوهة.

وسيكون لرفع سوريا من القائمة الرمادية، آثار إيجابية كبيرة على الاقتصاد السوري، بحسب دكتور الاقتصاد عبد الرحمن محمد، إذ يؤدي ذلك إلى" تعزيز ثقة المستثمرين الدوليين في النظام المالي السوري", و"تسهيل الوصول إلى الأسواق المالية الدولية وتقليل تكاليف المعاملات المالية، وتحسين بيئة الأعمال".

وبعد التخلص من ظاهرة غسيل الأموال ورفع سوريا من القائمة الرمادية، يمكن أن يشهد الاقتصاد السوري، بحسب محمد تحسنًا ونموًا ملحوظًا في عدة مجالات منها:

  • جذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية والمحلية، ما يعزز النمو الاقتصادي ويخلق فرص عمل كثيرة
  • زيادة التمويل للمشاريع التنموية والبنية التحتية، ما يسهم في تحسين جودة الحياة التي باتت مرهقة ومتعبة للمواطن.
  • تحسين النظام المالي والمصرفي، مما يؤدي إلى استقرار الأسعار وتخفيض التضخم.
  • خلق فرص عمل جديدة نتيجة للنمو الاقتصادي وزيادة النشاط التجاري.

على “القائمة الرمادية”

وتصنف مجموعة العمل المالي (FATF)، سوريا على القائمة الرمادية بشأن غسيل الأموال . وعندما تضع فرقة العمل المعنية بالإجراءات المالية في المجموعة، دولة ما تحت المراقبة المشددة، فهذا يعني أن الدولة قد التزمت بمعالجة أوجه القصور الاستراتيجية في أنظمتها لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب وتمويل انتشار التسلح، ضمن الأطر الزمنية المتفق عليها، وعلى أنها تخضع لمراقبة مشددة.

في بيان صادر في 21 شباط 2025، قالت منظمة "العمل المالي", إنه منذ تعهدت سوريا في شباط 2010 بالعمل مع مجموعة العمل المالي (FATF) ومجموعة العمل المالي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا (MENAFATF) لمعالجة أوجه القصور الاستراتيجية في مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، أحرزت سوريا تقدمًا في تحسين نظامها لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، في حزيران 2014.

ولذلك قررت مجموعة العمل المالي، بحسب البيان، أن "سوريا قد عالجت بشكل جوهري خطة عملها على المستوى الفني، بما في ذلك تجريم تمويل الإرهاب ووضع إجراءات لتجميد أصول الإرهابيين".

وبينما قررت مجموعة العمل المالي أن "سوريا قد أكملت خطة عملها المتفق عليها، إلا أنها لم تتمكن، بسبب الوضع الأمني، من إجراء زيارة ميدانية للتأكد مما إذا كانت عملية تنفيذ الإصلاحات والإجراءات المطلوبة قد بدأت وما إذا كانت مستمرة".

وأضافت المجموعة أنها ستواصل مراقبة الوضع في سوريا، وستجري زيارة ميدانية في أقرب وقت ممكن.

ما مجموعة “العمل المالي”

وتعرف "مجموعة العمل المالي" (FATF) نفسها بأنها "الهيئة العالمية الرقابية المعنية بغسل الأموال وتمويل الإرهاب". وتضع هذه الهيئة الحكومية الدولية معايير دولية تهدف إلى منع هذه الأنشطة غير القانونية والأضرار التي تلحقها بالمجتمع.

وبصفتها هيئةً صانعة للسياسات، تعمل مجموعة العمل المالي على حشد الإرادة السياسية اللازمة لإحداث إصلاحات تشريعية وتنظيمية وطنية في هذه المجالات. كما تضع هذه الهيئة، المكونة من 40 عضوًا، معايير دولية تضمن قدرة السلطات الوطنية على ملاحقة الأموال غير المشروعة المرتبطة بالاتجار بالمخدرات، وتجارة الأسلحة غير المشروعة، والاحتيال الإلكتروني، وغيرها من الجرائم الخطيرة بفعالية.

وبحسب المنظمة فقد التزمت أكثر من 200 دولة وسلطة قضائية بتطبيق معايير مجموعة العمل المالي كجزء من استجابة عالمية منسقة لمنع الجريمة المنظمة والفساد والإرهاب.

وتأسست مجموعة العمل المالي عام 1989، ومقرها باريس.

مشاركة المقال: