السبت, 6 سبتمبر 2025 12:34 AM

صندوق التنمية السوري: استراتيجية جديدة لتمكين المواطن في التنمية وإعادة الإعمار

صندوق التنمية السوري: استراتيجية جديدة لتمكين المواطن في التنمية وإعادة الإعمار

في خضم التحولات التي تشهدها سوريا بعد التحرير، يبرز "صندوق التنمية السوري" كمبادرة استراتيجية تتجاوز المفهوم التقليدي للتمويل. إنه أداة وطنية تهدف إلى إعادة التوازن الاقتصادي، وتحفيز الاستثمار المحلي، وتعزيز دور المواطن كشريك أساسي في التنمية وإعادة الإعمار. تتلاقى هنا الطموحات الشعبية مع السياسات الرسمية لصياغة نموذج اقتصادي وطني متوازن يقوم على الشراكة المجتمعية.

ما يميز صندوق التنمية، الذي انطلق في معظم المحافظات السورية، هو أنه ليس مجرد أداة مالية لتمويل مشاريع تنموية محدودة، بل هو إطار استراتيجي يهدف إلى توجيه الموارد نحو القطاعات الإنتاجية الحيوية، كالزراعة والصناعات الصغيرة والمتوسطة والطاقة المحلية. يمثل هذا تحولاً واضحاً من اقتصاد يعتمد على المساعدات والإغاثة إلى نموذج يعتمد على الذات ويشرك المواطن في بناء المستقبل، ليس فقط كمستفيد، بل كشريك فاعل في التنمية.

في مواجهة التحديات الداخلية والضغوط الاقتصادية الخارجية، يمثل تأسيس الصندوق رسالة سياسية قوية مفادها أن سوريا عازمة على الاعتماد على مواردها وقدراتها الذاتية، وفتح الباب أمام المبادرات الأهلية ورؤوس الأموال الوطنية، بدلاً من انتظار الدعم الخارجي المشروط سياسياً. هذا التوجه يعيد الاعتبار للداخل السوري كفاعل رئيسي، وليس مجرد تابع في حسابات الخارج.

في هذا السياق، كان منتدى الاستثمار السوري السعودي خطوة جريئة نحو كسر العزلة وفتح آفاق التكامل الاقتصادي العربي على أساس المصالح المشتركة. وتبعه منتدى رجال الأعمال الذي جمع مجموعة واسعة من المستثمرين السوريين من الداخل والخارج، مما يعكس استعداد رأس المال الوطني للمساهمة في إعادة بناء الاقتصاد. لا تقتصر هذه المنتديات على عرض المشاريع، بل تعزز الثقة وتؤسس لشبكات تعاون قادرة على تحريك عجلة الاقتصاد خارج القنوات التقليدية.

إن مشاركة مبادرات المجتمع الأهلي في صندوق التنمية، سواء من خلال التمويل أو التنفيذ أو الرقابة المجتمعية، تضفي على المشروع مصداقية شعبية وتؤسس لاقتصاد محلي متجذر يقاوم الفساد والتهميش ويعيد توزيع الثروة بشكل أكثر عدالة وشفافية ومساءلة. هنا تظهر أهمية وضع سياسات داعمة تشجع التمويل المحلي وتحمي المشاريع الصغيرة وتضع رؤية شاملة لسوريا ما بعد التحرير.

في الختام، صندوق التنمية السوري ليس مجرد عنوان مالي، بل هو مؤشر على تحول اقتصادي استراتيجي نحو استعادة المبادرة وتحقيق طموحات الشعب السوري في بناء دولته بأيدي أبنائه، بالاعتماد على العقل والعمل والانتماء، لا انتظاراً للمعونات.

مشاركة المقال: