واشنطن-سانا: أعلن صندوق النقد الدولي عن اتفاق مع سوريا على برنامج تعاون مكثف خلال المرحلة المقبلة، وذلك عقب زيارة قام بها فريق من موظفي الصندوق إلى دمشق في الفترة من 10 إلى 13 تشرين الثاني الجاري. هدفت الزيارة إلى تقييم الوضع الاقتصادي في سوريا ومناقشة أولويات السلطات في مجال الإصلاح الاقتصادي وبناء القدرات.
أوضح الصندوق في بيان له اليوم أن الاقتصاد السوري يظهر مؤشرات إيجابية على التعافي، مشيراً إلى أن السلطات تمكنت من اعتماد سياسات مالية ونقدية فعالة رغم التحديات الكبيرة، وذلك بهدف تحقيق الاستقرار الاقتصادي والمالي. وأضاف البيان أن المساعدة الفنية التي سيقدمها الصندوق ستشمل تحسين الإحصاءات، مما سيسهم في التمهيد لاستئناف مشاورات المادة الرابعة مع سوريا.
وقال رون فان رودن، رئيس الفريق الذي زار سوريا: "إن الاقتصاد السوري يُظهر علامات على التعافي وتحسن الآفاق، ويعكس ذلك تحسن ثقة المستهلكين والمستثمرين بظل إعادة اندماج سوريا التدريجي في الاقتصادين الإقليمي والعالمي مع رفع العقوبات، وعودة أكثر من مليون لاجئ، وقد تمكنت السلطات من اعتماد سياسة مالية ونقدية متشددة رغم القيود الكبيرة، بهدف ضمان الاستقرار الاقتصادي والمالي".
وأشار رودن إلى أن المناقشات المالية في دمشق تركزت على صياغة موازنة الحكومة لعام 2026، والتي تهدف إلى زيادة الحيز المالي لتلبية الاحتياجات الأساسية، بما في ذلك دعم القطاعات الاجتماعية الأكثر هشاشة، مع ضمان أن تستند إلى افتراضات طموحة ولكن واقعية بشأن الإيرادات والتمويل. وأضاف أن موظفي الصندوق سيقدمون مساعدة فنية واسعة لتعزيز الإطار المالي من خلال المساعدة في تحسين إدارة المالية العامة، وإدارة الإيرادات واستكمال التشريعات الضريبية الجديدة، وتطوير استراتيجية لمعالجة الديون المتراكمة وتعزيز إدارة الدين.
كما أكد رودن على أهمية أن يكون النظام الضريبي الجديد بسيطاً وتنافسياً وسهل التطبيق مع تجنب الإعفاءات التي تفتح المجال للتهرب، بالإضافة إلى إعادة هيكلة المؤسسات العامة وتنفيذ مشاريع استثمارية كبيرة مع القطاع الخاص، مع الالتزام بمعايير الحوكمة الجيدة وضمان أن تلعب وزارة المالية دوراً رئيسياً في تقييم وضبط الالتزامات المحتملة.
وأوضح رودن أن موظفي الصندوق سيقدمون مساعدات لدعم الجهات الحكومية السورية في صياغة تشريعات وتنظيمات جديدة للقطاع المالي، وإعادة تأهيل أنظمة الدفع والمصارف لضمان قدرة النظام المالي على تسهيل المدفوعات الآمنة والفعالة، واستعادة البنوك لدورها الحيوي في الوساطة المالية ودعم التعافي الاقتصادي، وإعادة بناء القدرات في البنك المركزي لضمان قدرته على تنفيذ السياسة النقدية والإشراف على النظام المالي بفعالية.
وأكدت البعثة مجدداً التزام صندوق النقد الدولي بدعم سوريا في جهودها لإعادة تأهيل الاقتصاد والمؤسسات الاقتصادية الرئيسية، معربة عن امتنانها للحكومة السورية على المناقشات الصريحة والبنّاءة خلال اللقاء مع وزير المالية محمد يسر برنية وحاكم مصرف سوريا المركزي عبد القادر الحصرية، وعدد من كبار المسؤولين الآخرين.
يذكر أن الرئيس أحمد الشرع اجتمع في التاسع من الشهر الجاري مع مديرة الصندوق خلال زيارته إلى الولايات المتحدة، وجرى خلال الاجتماع بحث أوجه التعاون المحتملة بين سوريا وصندوق النقد الدولي لتعزيز عجلة التنمية والتطوير الاقتصادي في البلاد. كما عقد وزير المالية محمد يسر برنية وحاكم مصرف سوريا المركزي عبد القادر الحصرية منتصف الشهر الماضي اجتماعاً مع طاقم دائرة شؤون المالية العامة في صندوق النقد الدولي ورئيس بعثة الصندوق إلى سوريا، إضافة إلى أبرز المديرين والفنيين بالدائرة، وذلك على هامش اجتماعات الصندوق والبنك الدوليين في العاصمة الأمريكية واشنطن.