الأحد, 20 أبريل 2025 04:46 AM

ضربة لأنقرة: دول آسيا الوسطى تعترف بقبرص اليونانية وتتجاهل "الشمالية"

ضربة لأنقرة: دول آسيا الوسطى تعترف بقبرص اليونانية وتتجاهل "الشمالية"

محمد نور الدين

في خطوة مفاجئة، اعترفت ثلاث دول في آسيا الوسطى بقبرص الجنوبية وعينت سفراء لديها، وذلك في أعقاب قمة جمعت الاتحاد الأوروبي بخمس دول من آسيا الوسطى (أوزبكستان، تركمانستان، كازاخستان، طاجيكستان وقيرغيزيا) في سمرقند الأوزبكستانية. وأعلن المجتمعون التزامهم بقراري مجلس الأمن 541 و550 اللذين يدينان اعتراف تركيا بقبرص الشمالية ويعترفان بقبرص اليونانية كممثلة وحيدة للجزيرة.

تكمن أهمية القرار في كون الدول الثلاث أعضاء في "منظمة الدول التركية" التي تعتبر أنقرة "راعيها الأكبر"، إضافة إلى أهميتها في مجالات الطاقة والموقع والمساحة. وكانت أوزبكستان أول من أعلنت افتتاح سفارة لها في قبرص في كانون الأول الماضي، تلتها كازاخستان في كانون الثاني، فيما قررت تركمانستان اعتماد سفيرها لدى إيطاليا سفيراً غير مقيم لدى قبرص. تجدر الإشارة إلى أن تركمانستان ليست عضواً كاملاً في "منظمة الدول التركية"، بل مجرد مراقب بسبب سياستها الحيادية.

شهدت "قمة سمرقند" مشاركة رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لايين، التي أعلنت عن استثمارات أوروبية في الدول الخمس بقيمة 12 مليار يورو. وأكد البيان الختامي المشترك على تأييد الدول المشاركة للقرارين 541 لعام 1983 و550 لعام 1984، اللذين يدعوان إلى الاعتراف بجمهورية قبرص كممثل لكل الجزيرة وعدم الاعتراف بشمال قبرص التي أعلنت جمهورية مستقلة في 15 تشرين الثاني 1983. وحتى الآن، لا تعترف بقبرص الشمالية التركية سوى تركيا.

منذ عام 2017، تقاطع أنقرة والجانب القبرصي التركي مفاوضات السلام التي ترعاها الأمم المتحدة حول قبرص، بحجة أنها تتعارض مع موقف الطرفين من أن الحل هو في وجود دولتين. ورغم عدم نجاح تركيا في حشد الدعم الدولي لقبرص التركية، إلا أنها اكتفت بقبولها عضواً مراقباً في "منظمة الدول التركية".

أثار تصاعد النفوذ التركي في المنطقة قلق قبرص الجنوبية من احتمال اعتراف بعض الدول بقبرص التركية، إلا أن "قمة سمرقند" ومخرجاتها بددت هذه الهواجس. والملفت في التطورات الأخيرة هو التزام أنقرة الصمت حتى الآن. ويطرح تعيين السفراء من جانب ثلاث دول أعضاء في "منظمة الدول التركية" تساؤلات حول التأثير الفعلي لتركيا في المنظمة، ويوجه لها صفعة قوية في ذروة صعودها الإقليمي.

يرى الكاتب التركي، عثمان كيبينك، أن الهدف الأساسي من وراء قرار تعيين السفراء هو تعزيز العلاقات مع الاتحاد الأوروبي لمواجهة النفوذ المتنامي لكل من روسيا والصين، موضحاً أن الدول التركية في آسيا الوسطى تحاول اتباع سياسات متوازنة مع الجميع.

يعني هذا التعيين "الاعتراف بقبرص اليونانية ممثلة لكل الجزيرة"، وسيتسبب في إلحاق ضرر بعلاقات أنقرة مع دول آسيا الوسطى. ويلفت الكاتب إلى أن الدول الثلاث "تعرضت للتهديد بأنه إذا لم تعترف بقبرص اليونانية، فلا مجال لأي مساعدات".

تقول الباحثة يلدز ديفيجي بوزكوش، إن المصالح والواقعية، لا الأيديولوجيات، هي التي لعبت دوراً في تطوير مناخ العلاقات بين الاتحاد الأوروبي وآسيا الوسطى. فأوروبا تريد أن تؤمن بدائل أخرى للطاقة، ونتج من ذلك قرار الاتحاد رفع مستوى العلاقات مع آسيا الوسطى إلى مستوى الشراكة الإستراتيجية.

ترى الباحثة أن خطوة تعيين السفراء كانت مفاجأة وغير متوقعة وغير مناسبة بالنسبة إلى تركيا وتتعارض مع مبدأ (الأخوة والوحدة) على المدى البعيد، إذ إنها قد تؤذي تركيا وتضر بحقوقها السيادية في البحر المتوسط.

يرى المؤرخ البارز، إيلبير أورطايلي، أن ما جرى يشكل تهديداً ليس فقط لقبرص التركية، بل كذلك لمستقبل تركيا. ويضيف أن اليونان ضغطت كي يشترط الاتحاد الأوروبي على آسيا الوسطى الاعتراف بقبرص اليونانية مقابل المال.

ويختتم بالقول: "على تركيا أن توجه اهتمامها ليس فقط إلى الجنوب (سوريا)، بل أيضاً وبصورة أكبر إلى الشرق ودول آسيا الوسطى".

مشاركة المقال: