الخميس, 13 نوفمبر 2025 06:53 AM

طفرة في تكنولوجيا الأعصاب: ترجمة الأفكار إلى كلمات وعلاج الشلل يصبح واقعاً

طفرة في تكنولوجيا الأعصاب: ترجمة الأفكار إلى كلمات وعلاج الشلل يصبح واقعاً

تشهد تكنولوجيا الأعصاب تطورات مذهلة، حيث تمكنت من تحقيق إنجازات كانت تعتبر ضرباً من الخيال العلمي. من بين هذه الإنجازات، ترجمة الأفكار مباشرة إلى كلمات، وتمكين المصابين بالشلل من استعادة القدرة على المشي. ويتوقع الخبراء أن تحدث الأبحاث في هذا المجال ثورة مماثلة لتلك التي أحدثها الذكاء الاصطناعي، ولكنها قد تحمل أيضاً مخاطر أخلاقية.

ترى آن فانهوستنبرغ، الباحثة في كلية "كينغز كوليدج لندن"، أن الكثيرين لا يدركون حجم التقدم الذي تحقق في هذا المجال، وأن ما كان يعتبر خيالاً علمياً أصبح واقعاً ملموساً.

تدير فانهوستنبرغ مختبراً يعمل على تطوير أجهزة إلكترونية تزرع في الجهاز العصبي، الذي يشمل الدماغ والحبل الشوكي، المسؤول عن نقل الإشارات من الدماغ إلى بقية أجزاء الجسم.

يشهد هذا المجال نمواً سريعاً، ما يدفع العديد من المراقبين والباحثين إلى اعتباره ثورة علمية تضاهي أهمية الذكاء الاصطناعي، على الرغم من أنه لا يحظى بنفس القدر من الاهتمام الإعلامي.

ومن الأمثلة الحديثة على هذا التقدم، مقال نشر في مجلة "نيتشر" في حزيران/يونيو، يوضح كيف تمكن شخص مصاب بمرض التصلب الجانبي الضموري من ترجمة أفكاره إلى كلمات بشكل فوري تقريباً، وذلك باستخدام غرسة دماغية طورها فريق من كاليفورنيا.

كما يعمل فريق سويسري منذ سنوات على تطوير تقنية تعتمد على زرع أقطاب كهربائية في النخاع الشوكي، مما يسمح للمصابين بالشلل باستعادة جزء كبير من قدرتهم على التحكم في حركاتهم، وحتى المشي في بعض الحالات.

وعلى الرغم من أن هذه التجارب لا تزال بعيدة عن استعادة القدرات الكاملة للمرضى، إلا أن هناك أملاً في توسيع نطاقها لتشمل المزيد من الأشخاص.

تؤكد فانهوستنبرغ أن هذه الأجهزة تزداد فاعلية، وأن الكثير من الناس لا يدركون الإمكانيات المتاحة حالياً والتي تغير حياة الكثيرين.

وتشير إلى أن تدريب هذه الأجهزة على ترجمة أفكار الشخص إلى كلمات كان يستغرق آلاف الساعات في السابق، بينما لا يتطلب الأمر اليوم سوى بضع ساعات.

يعود هذا التطور الكبير إلى التقدم العلمي الذي أتاحته البيانات الجديدة عن الدماغ، والتقدم التكنولوجي، وخاصة في تصغير الأجهزة. كما ساهم الذكاء الاصطناعي في تعزيز قدرات الخوارزميات المستخدمة.

وقد دخل القطاع الخاص بقوة في تطوير التكنولوجيا العصبية، حيث ظهرت العديد من الشركات الناشئة منذ أواخر العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، والتي جمعت استثمارات بمليارات الدولارات، وبدأت تحقق إنجازات ملموسة.

من بين هذه الشركات، تبرز شركة "نيورالينك" التي يملكها الملياردير الأميركي إيلون ماسك، والتي أعلنت في عام 2024 عن زرع جهازها لعشرة مرضى تقريباً. ومع ذلك، يرى بعض الخبراء أن هذه الشركة لا تقدم ابتكارات كبيرة.

يقلل طبيب الأعصاب المتخصص في الأخلاقيات في المعهد الوطني الفرنسي للصحة والبحوث الطبية، إرفيه شنيويس، من أهمية ما تقدمه "نيورالينك"، ويصفه بأنه "مجرد دعاية".

ويضيف أنه عندما تتمكن هذه الشركات من طرح منتجات تجارية، سيكون الوقت قد فات للقلق بشأنها.

تثير هذه التقنيات مخاوف كبيرة، خاصة وأن بعض الشركات، مثل "نيورالينك"، لا تنوي حصر استخدامها في الرعاية الصحية، بل تروج لمنتجات تهدف إلى تحسين القدرات المعرفية للجميع.

في هذا السياق، وافقت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو) على توصيات للدول بشأن تنظيم هذا القطاع، والتي تدخل حيز التنفيذ يوم الأربعاء، ولكنها غير ملزمة.

اعتمد معدو هذه التوصيات، ومن بينهم شنيويس، تعريفاً واسعاً جداً للتكنولوجيا العصبية، يشمل الأجهزة الموجودة في السوق حالياً، مثل الساعات والخوذات الذكية التي لا تؤثر مباشرة على الدماغ، ولكنها تقيس مؤشرات تعطي فكرة عن الحالة العقلية للمستخدم.

يوضح شنيويس أن الخطر الرئيسي اليوم يكمن في انتهاك الخصوصية العقلية، وأن هذه البيانات قد تقع في أيدي جهات غير مرغوب فيها.

وقد اتخذت بعض الدول والولايات إجراءات بشأن هذه المسألة، حيث أقرت كاليفورنيا، وهي مركز عالمي لأبحاث التكنولوجيا العصبية، قانوناً في نهاية عام 2024 لحماية بيانات أدمغة الأفراد.

مشاركة المقال: