أعلنت القيادة المركزية الأمريكية (سنتكوم) عن تنفيذ عملية مشتركة مع وزارة الداخلية السورية خلال الفترة من 24 إلى 27 تشرين الثاني الماضي. استهدفت العملية تدمير أكثر من 15 موقعًا لتخزين الأسلحة تابعة لتنظيم “الدولة الإسلامية” في جنوبي سوريا.
أفاد بيان صادر عن القيادة المركزية بأن عناصر من “قوة المهام المشتركة- عملية العزم الصلب” (CJTF-OIR) شاركوا إلى جانب قوات من وزارة الداخلية السورية في تحديد ورصد مواقع التخزين في ريف دمشق، قبل استهدافها بضربات جوية وتفجيرات ميدانية نفذتها فرق الهندسة.
أسفرت العملية عن تدمير ما يزيد على 130 قذيفة هاون وصاروخ، بالإضافة إلى بنادق هجومية ورشاشات وألغام مضادة للدروع وكميات من المواد المستخدمة في تصنيع العبوات الناسفة. كما عثرت القوات على مخدرات في بعض المواقع وتم إتلافها في المكان.
أكد قائد القيادة المركزية الأمريكية، الأدميرال براد كوبر، أن هذه العملية تهدف إلى الحفاظ على المكاسب المتحققة ضد تنظيم “الدولة” ومنعه من إعادة بناء قدراته أو تصدير هجمات إرهابية إلى الولايات المتحدة أو أي مكان آخر.
أشار البيان إلى أن قوة المهام المشتركة، التي أنشأتها القيادة المركزية عام 2014، تواصل دعم وتسهيل عمليات الشركاء المحليين ضد التنظيم، بعد تراجع تهديده التقليدي عقب خسارته آخر معاقله عام 2019 وتشتت مقاتليه.
وفي سياق متصل، أعلنت “سنتكوم” في 12 تشرين الثاني عن تقديم المشورة والمساعدة في أكثر من 22 عملية ضد تنظيم “الدولة الإسلامية” مع شركاء في سوريا خلال تشرين الأول الماضي، مما ساهم في تقليص قدرة التنظيم على تنفيذ عمليات محلية وتصدير العنف.
أكدت “سنتكوم” أن “قوة المهام المشتركة- عملية العزم الصلب” (CJTF-OIR) نفذت العمليات بالتنسيق مع شركاء سوريين في الفترة بين 1 تشرين الأول و6 تشرين الثاني الماضيين، مما أسفر عن مقتل خمسة عناصر من تنظيم “الدولة” وأسر 19 آخرين.
تعاون أمني متسارع مع واشنطن
قدم مدير برنامج سوريا بـ”معهد الشرق الأوسط”، تشارلز ليستر، أرقامًا مفصلة لعمليات مصادرة أسلحة مرتبطة بإيران وتنظيم “الدولة الإسلامية” خلال الأشهر العشرة الماضية. وأشار إلى أن كميات الأسلحة الإيرانية التي صادرتها الحكومتان السورية والأمريكية تجاوزت أربعة آلاف قطعة وسلاح نوعي، وذلك وفقًا لتدوينة نشرتها صحيفة “تايمز أوف إسرائيل” الإسرائيلية.
وأوضح أن معظم هذه العمليات اعتمد على معلومات من الاستخبارات السورية، فيما جاءت عمليات أخرى بناء على معلومات قدمتها الولايات المتحدة. وكشف عن تطور كبير في التعاون الأمني بين دمشق وواشنطن، مشيرًا إلى عملية “حاسمة” قدمت فيها واشنطن معلومات عن شبكة أنفاق ومخازن أسلحة لـ”الحرس الثوري” في البوكمال، قبل أن تقتحمها قوات وزارة الداخلية السورية وتعتقل كل العاملين فيها. كما أشار ليستر إلى تنفيذ ست هجمات مشتركة على أهداف لتنظيم “الدولة الإسلامية” وأخرى مرتبطة بإيران، بينها عملية أسفرت عن مقتل “أرفع قائد للتنظيم في سوريا”.
وفي 19 تشرين الأول، ذكر ليستر أن “التحالف الدولي” قام بعملية إنزال لأول مرة في مدينة الضمير بريف دمشق، أسفرت عن اعتقال أحمد عبد الله المسعود البدري، وذلك خلال عملية أعلنت عنها وزارة الداخلية السورية دون ذكر تعاون التحالف فيها.
تصاعد نشاط التنظيم
أعلن تنظيم “الدولة الإسلامية” مسؤوليته عن عمليتي اغتيال في كل من حمص وحماة في 28 تشرين الثاني. وذكر التنظيم عبر موقعه “ساح الوغى” أن “جنود الخلافة” استهدفوا مرشحًا سابقًا للنظام السوري السابق، رفقة عنصر من الحكومة الجديدة، في حي التتان، ما أدى إلى مقتل الأول وإصابة الثاني بحسب التنظيم. كما استهدف مقاتلو التنظيم عنصرًا سابقًا في ما سماها “الميليشيات الرافضية”، في قرية المزرعة بريف حمص بالأسلحة الرشاشة، ما أدى إلى مقتله.
كما أعلن تنظيم “الدولة الإسلامية” عن تنفيذ ثلاث عمليات في ما سماها “ولاية الخير” (محافظة دير الزور)، حيث قتل عنصرًا حكوميًا وصفه بأنه جاسوس في البوكمال، كما استهدف عنصرين تابعين لـ”قوات سوريا الديمقراطية” (قسد).
وقال التنظيم في صحيفة “النبأ”، في 27 تشرين الثاني، إن “جنود الخلافة” قتلوا جاسوسًا تابعًا لـ”النظام السوري” وأصابوا عنصرين من ميلشيا الـ”PKK” وألحقوا أضرارًا بآليتين لهم في ثلاث عمليات منفصلة. وأعلن التنظيم اغتيال ما سماه “جاسوسًا تابعًا للنظام السوري المرتد”، في مدينة البوكمال، وقال إن “الجاسوس القتيل” عمل سابقًا عنصرًا في “قسد” قبل أن يغادرها مؤخرًا ويصبح جاسوسًا لدى النظام الحالي، حيث استغل مهنته في بيع “قطع الغيار” في تتبع حركات عناصر التنظيم والإبلاغ عن طرق تنقلاتهم وأماكن وجودهم في المنطقة.
واستهدف التنظيم، في 22 تشرين الثاني، صهريج نفط تابعًا لـ”قسد”، بالأسلحة الرشاشة، في بلدة ذيبان، مما أدى إلى تضرره. وأدرج هذه العملية في إطار “الحرب الاقتصادية التي تستهدف ممتلكات ومقدرات “قسد”. وفي عملية ثانية، استهدف عناصر التنظيم، في 24 تشرين الثاني، آلية لـ“قسد” كانت تسير على طريق حقل الجزرة، بالأسلحة الرشاشة، مما أدى إلى إصابة عنصرين على الأقل بجروح وتضرر للآلية.
دمشق تنضم لـ”التحالف”
أعلنت سوريا انضمامها إلى “التحالف الدولي لمحاربة تنظيم الدولة الإسلامية”، تزامنًا مع زيارة رسمية للرئيس السوري في المرحلة الانتقالية، أحمد الشرع، إلى البيت الأبيض، وهي الزيارة الأولى من نوعها لرئيس سوري. وزير الإعلام السوري، حمزة المصطفى، قال في منشور عبر منصة “إكس”، في 11 تشرين الثاني، إن سوريا وقّعت إعلان تعاون سياسي مع “التحالف الدولي”، مؤكدة دورها كشريك في مكافحة الإرهاب ودعم الاستقرار الإقليمي. ويُعدّ هذا الاتفاق سياسيًا، ولا يتضمن أي بنود عسكرية، بحسب تصريح المصطفى حينها. كما أكد مندوب سوريا الدائم لدى الأمم المتحدة، إبراهيم علبي، في مقابلة مع قناة “الحدث” السعودية في 11 تشرين الثاني، أن سوريا وقعت اتفاقية الانضمام إلى “التحالف الدولي”.
وكان الرئيس الشرع عقد اجتماعًا استمر أكثر من ساعة في البيت الأبيض مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ووزير الخارجية ماركو روبيو، ونائب الرئيس جيه دي فانس، إلى جانب وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني في 10 تشرين الثاني. وأشاد الرئيس ترامب خلال اللقاء بما وصفه بـ”تحول سوريا وصمود شعبها”، مؤكدًا دعمه الكامل لها، وأضاف، “لقد قمتم بعمل رائع، وندعمكم”.