الأحد, 12 أكتوبر 2025 02:23 AM

غزة: عودة محفوفة بالألم.. دمار واسع النطاق يخيم على شمال القطاع بعد الانسحاب الإسرائيلي

غزة: عودة محفوفة بالألم.. دمار واسع النطاق يخيم على شمال القطاع بعد الانسحاب الإسرائيلي

عاد الفلسطينيون بقلوب دامية من وسط وجنوب قطاع غزة إلى شماله، ليجدوا أحياءهم السكنية التي تركوها قسراً تحت نيران إسرائيلية قد تجردت من معالمها، وتحولت إلى خراب يمتد على مرمى البصر. ففي محيط منطقة بركة الشيخ رضوان شمال شرقي مدينة غزة، التي انسحب منها الجيش الإسرائيلي يوم الجمعة، بالتزامن مع دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ، تحولت الأحياء السكنية إلى مساحات رمادية لا يرى فيها سوى الركام والدمار.

أصبحت المنطقة بلا معالم بعد أن تداخلت طرقها نتيجة للدمار الهائل، وغطت الكتل الأسمنتية شوارعها، حتى أن الفلسطينيين الذين عاشوا فيها لعقود طويلة لم يتمكنوا من التعرف على مواقع منازلهم والأزقة التي تؤدي إليها. هذا الدمار الذي طال أكثر من 90 بالمئة من البنية التحتية المدنية في قطاع غزة، يتزامن مع أزمة إيواء يعيشها الفلسطينيون مع اهتراء خيامهم واستبدالها بقطع قماش ممزقة، وسط مخاوف من كارثة إنسانية حقيقية مع اقتراب موسم الأمطار لهذا العام.

ووفقاً للمكتب الإعلامي الحكومي بغزة، تسببت الإبادة الإسرائيلية على مدى عامين في تدمير أكثر من 300 ألف وحدة سكنية وتهجير مليوني فلسطيني قسراً. ودخلت المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار بين حركة حماس وإسرائيل حيز التنفيذ عند الساعة 12:00 ظهر أمس الجمعة بتوقيت القدس (09:00 ت.غ)، بعد أن أقرت حكومة إسرائيل الاتفاق فجر اليوم نفسه. وفي 3 سبتمبر/ أيلول الماضي، أطلق الجيش الإسرائيلي عملية "عربات جدعون 2" التي تستهدف احتلال مدينة غزة كلها بعد تطويقها وتهجير الفلسطينيين منها.

فرحة بالعودة رغم الدمار

وسط الدمار الكبير الذي حل بمنطقة بركة الشيخ رضوان، تبحث الفلسطينية سهير العبسي عن مستلزماتها المدفونة تحت أنقاض منزلها المدمر. وتقول لوكالة "الأناضول": "ملابسنا أصبحت تحت الركام، لا نعرف كيف ننتشلها". وأوضحت أنها وعائلتها خرجوا من منزلهم على عجل بسبب الهجمات الإسرائيلية قبل انتهاء الحرب، تاركين وراءهم كل المستلزمات والملابس وأساسيات الحياة. وذكرت أنها عادت لتصدم بتدمير إسرائيل للمربع الذي كانت تسكن فيه بالكامل، وليس منزلها فقط. وتابعت: "كل الملابس أصبحت ممزقة ومقطعة بفعل القصف، لا تصلح للاستخدام، ولم يتبق لنا شيء بعد قصف المنزل". وأعربت عن عدم وجود بدائل لهذه المستلزمات خاصة مع اقتراب موسم الأمطار، مضيفة: "لا نعرف كيف سندبر أمورنا". وأشارت إلى أن عائلتها تفكر في إنشاء خيمة قرب أنقاض منزلها لإيواء أفرادها، بعد تدمير إسرائيل منزلهم. ورغم هذا الدمار، أعربت العبسي عن فرحتها بالعودة إلى شمال القطاع، قائلة: "فرحتنا كبيرة.. دارنا دُمرت نعيد إعمارها من جديد".

وفي نهاية سبتمبر الماضي، قال المدير العام للمكتب الإعلامي الحكومي في غزة إسماعيل الثوابتة للأناضول، إن نحو 93 بالمئة من إجمالي خيام النازحين في القطاع انهارت ولم تعد صالحة للإقامة، بواقع 125 ألف خيمة من أصل 135 ألفا. وأكد أن معاناة النازحين تتضاعف مع عدم توفر خيام جديدة نتيجة إغلاق إسرائيل للمعابر ومنعها دخول مواد الإغاثة الأساسية.

منطقة بلا ملامح

وسط المساحات الرمادية المدمرة، يحاول الفلسطيني محمد الحلبي إزالة الركام عن جزء من أرض منزله المدمر، وتهيئتها لنصب خيمة لإيواء عائلته المكونة من 9 أفراد. ويقول للأناضول وعلامات القهر قد ارتسمت على وجهه: "المنزل كان مكونا من 3 طوابق، لم يتبق منه شيء، كله مدمر". وأوضح أن عائلته تركت كل مستلزماتها بعد إنذار الجيش الإسرائيلي بإخلاء المنطقة، ولم تصطحب معها أي من ممتلكاتها، ليختفي كل شيء تحت الأنقاض. وأشار إلى أنه كان يأمل العودة إلى الشمال من أجل إعادة الحياة لمنزله لكنه صُدم بتدميره، وتحويل المنطقة كاملا إلى رماد. وذكر الحلبي أن الفلسطينيين من سكان هذه المنطقة لم يتعرفوا على مواقع منازلهم أو الأزقة التي تقود إليها بعدما سوتها إسرائيل بالأرض.

بدورها، اعتبرت الفلسطينية أم يوسف الحلبي "هدم إسرائيل للمنازل مؤشرا على فشلها وجبنها". وتابعت في حديثها للأناضول: "هدموا منازلنا، كله فداء لغزة وفلسطين، المهم أولادنا بخير.. وسنعيد الإعمار". وشملت انسحابات الجيش الإسرائيلي مدينة غزة (شمال) باستثناء حي الشجاعية وأجزاء من حيي التفاح والزيتون. وفي مدينة خان يونس (جنوب)، انسحب الجيش الإسرائيلي من مناطق الوسط وأجزاء من الشرق، فيما منع دخول الفلسطينيين إلى بلدتي بيت حانون وبيت لاهيا (شمال)، ومدينة رفح (جنوب)، وبحر القطاع.

ويستند الاتفاق إلى خطة طرحها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، تقوم على وقف الحرب، وانسحاب متدرج للجيش الإسرائيلي، وإطلاق متبادل للأسرى، ودخول فوري للمساعدات إلى القطاع، ونزع لسلاح "حماس". الأناضول

مشاركة المقال: