غسان كامل ونوس يرى أن من يظنّ أنّ الطائفيّة ملجأ أو منجى فهو مخطئ، والأكثر خطأً من يعتقدها حلّا بأيّ شكل ظهرت. والأدهى من ذلك، من يتوسّلها وطنًا. ويرى أن من يرى في الانتماء الطائفيّ تهمّة وإدانة فهو مجرم، والأكثر إجرامًا من يتّخذها سلاحًا، غافلًا عن أنّها تصوّب إلى صدره قبل صدور الآخرين.
يتفهم ونوس أنّ الغريق يتعلّق بقشّة، ويستحضر المثل القائل: "أَذْكَرْتَني الطائفيّة، وكنتُ ناسيًا"؛ أو "أعَدْتَني إلى الطائفيّة، وكنت تاركًا!"، مع الأمل بألّا نصل إلى: "أقْنَعْتَني بالطائفيّة، وكنتُ مشكّكًا!!"
ويخطئ من يقول عن الأذى بحجّة الانتماء الطائفيّ؛ إنّه ظلم طائفيّ، أو إبادة طائفيّة؛ وهو يظنّ أنّه يضخّم الأمر، أو يخدم الضحايا؛ في الوقت الذي يقزّمه، أو يخفّف من وطأته لدى آخرين؛ على مبدأ جريمة الشرف! فهناك، للعجب والأسف والمرارة، من لا يراه جريمة؛ ولهذا نجد كثيرين يصمتون، أو يتجاهلون، أو يسوّغون؛ بممارسات ونصوص وفتاوى!
في الحقيقة والمنطق والقانون، إنّ مثل هذا الاعتداء ذي المنحى الطائفيّ، ظلم إنسانيّ، وجريمة ضدّ الإنسانيّة؛ وهذا الوصف أشنع وأفظع، ولا يحتمل أيّ تهاون أو تجاهل؛ ولا سيّما أنّ المستهدف طائفيًّا، قد لا يكون طائفيًّا بالتفكير، أو القناعة، أو السلوك، ولا يختلف الموضوع إذا ما كان من وقع عليه الأذى المعنويّ أو المادّيّ؛ بسبب انتمائه الطائفيّ، فردًا، أو مجموعة، أو منطقة.
ويرى ونوس أنّه من غير المستحسن التوجّه نحو من وقع عليه الأذى الطائفيّ بالنصح أو اللوم؛ في الوقت الذي يجب أن ينصبّ التركيز على المجرم؛ سواء أكان محرّضًا أو قائمًا بالفعل، أو مسؤولًا؛ في الوقت الذي ما تزال الجرائم ترتكب، والحرمات تنتهك؛ بهذا الشكل أو ذاك، وبهذه الوتيرة أو تلك، وفي مختلف المناطق، ويفترض أن تتوقّف فورًا؛ وفي الوقت الذي تغيب فيه الإجراءات الجادّة المناسبة لوقفها؛ سواء منها القانونيّة أو حتّى الإعلاميّة، ولا أمل كبيرًا في ذلك؛ قولًا أو فعلًا؛ لكنّ لهذا مسارًا آخر، يفترض أن يتّبع، ويتابع، ويستكمل.
كما أنّ التوجّه إلى المستهدَفين طائفيًّا ليس جَلدًا للذات؛ بل هو دعوة إلى عدم الوقوع في السوءات التي اُبتلي بها الآخرون، وعدم الوقوع في شَرَك سرطانيّ لا فكاك منه! فالحياة لن تنتهي الآن، وهنا، ولا عند هؤلاء، ولا أولئك؛ وإن اُغتصِبت من كثيرين في مثل هذه الجرائم؛ على فظاعتها، وقذارتها؛ والأحلام والآمال، يجب ألّا تقتصر على زمان محدود، أو مكان منعزل؛ وهناك أجيال تأتي، وتأتي، ونحن مسؤولون أمامها، ويُفترض أن تتشرّب عذبًا، وتتنفّس نقيَّا، وتعيش بكرامة وأمان، وتنظر أبعد وأعمق وأرقى.
(أخبار سوريا الوطن٢-الكاتب)