الجمعة, 18 يوليو 2025 12:02 AM

فرنسا تستضيف مؤتمر "حل الدولتين" في نيويورك نهاية الشهر وسط تطلعات لعملية سياسية

فرنسا تستضيف مؤتمر "حل الدولتين" في نيويورك نهاية الشهر وسط تطلعات لعملية سياسية

أعلنت فرنسا رسمياً عن انعقاد مؤتمر "حل الدولتين" في مقر الأمم المتحدة بنيويورك يومي 28 و29 يوليو (تموز) الحالي على المستوى الوزاري. كان من المقرر عقده في 17 و18 يونيو (حزيران) الماضي، ولكن تم تأجيله بسبب الحرب الإسرائيلية – الإيرانية.

ستظل رئاسة المؤتمر سعودية – فرنسية كما هو مقرر سابقاً، بحضور وزيري خارجية البلدين، وسيكون المؤتمر مفتوحاً لجميع أعضاء الجمعية العامة للأمم المتحدة والمنظمات الدولية.

تأمل باريس أن يساهم الاجتماع القادم في التحضير لقمة حول الملف نفسه في نيويورك، بمناسبة "أسبوع الرؤساء" الذي يسبق أعمال الجمعية العامة السنوية في شهر سبتمبر المقبل.

أفاد بيان لوزارة الخارجية الفرنسية أن المؤتمر "يهدف إلى رسم مسار نحو حل الدولتين من خلال تدابير ملموسة اقترحتها مجموعات العمل الثماني التي أجرت مشاورات واسعة مع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة ومع المجتمع المدني".

كما يسعى المؤتمر، بحسب الخارجية الفرنسية، إلى "إحياء دينامية جماعية لصالح حل سياسي يستجيب للاعتبارات الأمنية المشروعة لإسرائيل، ويضمن في نهاية المطاف تواصلاً جغرافياً وقابلية بقاء الدولة الفلسطينية".

في هذا السياق، تأمل باريس أن يركز المؤتمر على "تعزيز الاعتراف بدولة فلسطين، وتطبيع العلاقات مع إسرائيل، والتكامل الإقليمي، وإصلاح الحكم الفلسطيني، ونزع سلاح حركة (حماس)".

وترى باريس أن المؤتمر "يمكن أن يكون محطة دبلوماسية أساسية تمهد لانعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر المقبل".

منذ إعلان الرئيس ماكرون تأجيل القمة، أكد أنه سيدعو إلى انعقاده مجدداً "في أقرب وقت والتشاور مع المملكة السعودية" الطرف الشريك.

وعندما سألت «الشرق الأوسط» مصادر فرنسية رسمية عن مشاركة وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو في المؤتمر، اكتفت بالرد بأنه «مدعو». بالإضافة إلى ذلك، هناك انقسامات أوروبية حول الملف الفلسطيني، حيث لم ينجح وزراء الخارجية الأوروبيون في التوافق على أي إجراء بحق إسرائيل التي تنتهك، وفق تقييم أوروبي رسمي، البند الثاني (المتعلق بحقوق الإنسان) من اتفاقية الشراكة الأوروبية – الإسرائيلية، والتي دخلت حيز التنفيذ في عام 2000.

يبدو أن باريس تراهن على احتمال التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار لشهرين بين إسرائيل و«حماس» بوساطة مصرية – قطرية وبدفع من إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب.

يهدف المؤتمر إلى إعادة فتح الأفق السياسي المسدود حالياً والمحافظة على حل الدولتين الذي يهدده الاستيطان المتسارع في الضفة الغربية وسيناريوهات مستقبل ما بعد حرب غزة.

من المتوقع أن ينص «الإعلان الختامي» للمؤتمر على التدابير العملية التي من شأنها نزع العوائق وتسهيل قيام الدولة الفلسطينية، بالإضافة إلى التأكيد على المبادئ العامة.

عملت ثماني لجان مزدوجة الرئاسة، أوروبياً وعربياً، على بلورة هذه الخطوات التي ستكون الأساس للبيان الختامي.

ستتركز أعمال المؤتمر على محاور رئيسية، منها الدفع نحو اعتراف عدد من الدول التي لم تقم بعد بذلك، بدولة فلسطين، ومنها فرنسا، والتأكيد على أهمية إحلال السلام في المنطقة، ودعم إصلاح السلطة الفلسطينية، والمضي نحو تحقيق تقدم في توفير ضمانات أمنية لجميع الأطراف المعنية.

بالتأكيد، لن يغفل المؤتمرون مسألة «اليوم التالي في غزة» بحيث يساهم في وضع خطة واقعية للقطاع، سواء من حيث إعادة الإعمار أو الحوكمة أو الترتيبات الأمنية.

إزاء تعنت الحكومة الإسرائيلية، تحرص باريس على إظهار المنافع التي ستحصل عليها إسرائيل من الخطة، وترى فرنسا أن «الخطة» توفر «مخرجاً سياسياً لإسرائيل من مأزق غزة». أما غرض المؤتمر، فهو أوسع، ويطمح لرسم خريطة طريق تضع حداً للصراع الفلسطيني – الإسرائيلي، مع وضع اعتبار للشواغل الأمنية.

بيد أن باريس لا تعلق كثيراً من الآمال على رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو والتحالف الذي يقوده، وترى أن الحكومة الحالية «ليست أبدية»، وأن المجتمع الإسرائيلي أمام أحد خيارين: إما الاستمرار على النهج الحالي في غزة والضفة الغربية أو الانخراط في تسوية توفر العديد من المنافع أمنياً واقتصادياً.

وتعي باريس أن الطرفين، في اختيارهما لهذه الطريق «السلمية»، إنما يخوضان رهاناً سياسياً حقيقياً، لكن «ثمنه» يبقى أقل كلفة من ثمن مواصلة الحرب.

تجدر الإشارة إلى أن التصور الفرنسي الأولي للمؤتمر كان يقوم على مبدأ «الخطوات التبادلية»، بمعنى أن الاعتراف بالدولة الفلسطينية من جانب الدول الغربية التي لم تعترف بها يتم مقابل خطوات باتجاه التطبيع عربياً وإسلامياً مع إسرائيل، لكن يبدو أن هذا الرهان لم يعد قائماً في الوقت الحاضر.

حتى اليوم، وعلى مسافة 11 يوماً من المؤتمر، لم يُعرف بعد ما ستقوم به فرنسا عملياً، رغم أن الرئيس ماكرون يكرر ويشدد في كل مناسبة على أن الاعتراف بالدولة الفلسطينية «ليس فقط مجرد واجب أخلاقي، بل هو مطلب سياسي».

وسبق لماكرون، أن رهن الخطوة بشروط، منها إطلاق سراح المحتجزين لدى «حماس» ونزع سلاحها. وأكثر من مرة قالت باريس إنها تريد لخطوتها أن تكون «مؤثرة ديبلوماسياً وسياسياً»، وألا تكون منعزلة، بمعنى أن تترافق مع خطوات مشابهة من دول أخرى مثل بريطانيا، وهولندا، وكندا واليابان.

ولدى سؤال «الشرق الأوسط» المصادر الفرنسية عما إذا كان الاعتراف سيحصل إبان المؤتمر الوزاري هذا الشهر أو في سبتمبر المقبل، فإنها امتنعت عن توفير جواب واضح، مشيرة إلى أن القرارات النهائية «لم تعلن بعد رسمياً».

ويعود القرار النهائي بطبيعة الحال، للرئيس ماكرون، وإذا كانت باريس تأمل بأن تلحق بها دول أخرى، فعليها ألا تنتظر حتى 27 الحالي لإعلان موقفها، لكنه رجح أن بريطانيا وكندا ليستا جاهزتين اليوم للإقدام على هذه الخطوة، في حين انضمام برلين إلى باريس يبدو مستبعداً تماماً.

مشاركة المقال: