أثار انتهاء عملية «مركبات جدعون» دون تحقيق أهدافها الرئيسية، وعلى رأسها الضغط على حركة «حماس» لتقديم تنازلات في المفاوضات وترحيل سكان شمال قطاع غزة إلى الجنوب نحو مدينة الخيام المزمع إنشاؤها في رفح، جدلاً واسعاً في الأوساط الأمنية والسياسية الإسرائيلية.
تصف وسائل الإعلام العبرية الأسبوع الجاري بأنه «أسبوع حاسم» في مصير الحرب، بينما يرى المحللون الإسرائيليون ثلاثة اتجاهات محتملة: توسيع الحرب واحتلال كامل قطاع غزة وإقامة حكم عسكري، وهو خيار يدعمه اليمين الإسرائيلي المتطرف؛ أو تقطيع أوصال القطاع وتشديد الحصار على المناطق ذات الكثافة السكانية دون الدخول المباشر، بهدف زيادة الضغط على المقاومة ودفعها لتقديم تنازلات لتحقيق صفقة تبادل أسرى. أما الخيار الثالث، والأقل ترجيحاً، فهو استنفاد الجهود للتوصل إلى صفقة تبادل أسرى.
في ظل توجه جيش الاحتلال نحو إبرام صفقة تبادل، بسبب عدم قدرته على العمل في مناطق احتجاز الأسرى، كشفت تصريحات رئيس أركان الجيش، إيال زامير، عن أزمة أعمق، حيث أكد أن الجيش سيحذر في المرحلة المقبلة من الدخول إلى مناطق قد تشهد اشتباكات مع عناصر «حماس»، لتجنب «فخ الاستنزاف». يعكس هذا التصريح حجم الخسائر البشرية التي تكبدها جيش الاحتلال في عملية «مركبات جدعون»، حيث قُتل ما لا يقل عن 40 جندياً إسرائيلياً في كمائن على خطوط القتال المتقدمة.
ومع ذلك، لا يمكن الاعتماد على رغبات الجيش وحده لتوقع الخطوة الإسرائيلية التالية، خاصة مع سيطرة المستوى السياسي على القرار الأمني. ميدانياً، انسحب جيش الاحتلال بشكل شبه كامل من الأحياء الشرقية والشمالية لغزة، وشهدت الأيام الثلاثة الماضية تراجعاً كاملاً لآلياته من أحياء الزيتون والشجاعية والتفاح شرقي مدينة غزة، بعد تدمير واسع طال آلاف المنازل والبنية التحتية.
كما انسحب جيش الاحتلال من الأحياء الشمالية للقطاع، بما في ذلك جباليا البلد ومخيم جباليا وتل الزعتر ومدينة بيت لاهيا، مع الإبقاء على السيطرة النارية. بعد ثلاثة أشهر من التدمير الممنهج، بدت هذه المناطق وكأنها ضربت بزلزال مدمر.
يتركز نشاط العدو حالياً في مدينة خانيونس جنوب القطاع، حيث توغلت آلياته في عمق المدينة، مع تكرار سيناريو رفح والأحياء الشرقية لغزة، وتدمير المنازل والبنية التحتية. وفي إسرائيل، استمرت الضجة التي أثارتها مشاهد الأسرى الإسرائيليين التي بثتها «سرايا القدس» و«كتائب القسام»، والتي عكست آثار التجويع الإسرائيلي.
حاول المستوى السياسي استثمار هذه الصور لتحشيد الرأي العام الدولي ضد المقاومة، وطالب نتنياهو منظمة «الصليب الأحمر» بالتدخل لإدخال الطعام إلى الأسرى الإسرائيليين لدى المقاومة. ورد أبو عبيدة، الناطق باسم الإعلام العسكري لـ«القسام»، بتأكيد استعداد المقاومة لإدخال الطعام إلى الأسرى الإسرائيليين شريطة أن يسمح جيش الاحتلال بإدخال الطعام إلى المقاومين وجميع أبناء شعبنا، مؤكداً أن «الأسرى الإسرائيليين لا يتلقون معاملة استثنائية: يأكلون مما نأكل».
أكدت منظمة «الصليب الأحمر» أنها بحاجة إلى وقف إطلاق نار شامل وفوري لدخول القطاع وإدخال المساعدات والاطمئنان على حالة الأسرى.
أخبار سوريا الوطن١-لأخبار