الأحد, 27 أبريل 2025 12:00 PM

فقدان البوصلة: خواطر حول الوحدة والخذلان في زمن الأزمات

د. ريم حرفوش ترصد غياب الحوار الصادق، وتحول الابتسامات إلى سخرية، والنظرات إلى تجاهل. النبض لم يعد يتسارع، والعيون لم تعد تضحك. الحب في زمن الموت أصبح رفاهية، فكيف ننطق بكلمة "أحبك" وكل شيء يدعو للبكاء؟

الطرقات بيننا يسكنها الموت، ونحن والدموع رفقاء منذ زمن. نكثنا اتفاقيات الصبر، وتحايلنا على الفرح، علّ الغيم الشارد يهبنا نجوم السعادة. كيف امتلأ العمر بالحزن والكآبة؟ فنجان القهوة البحري طعمه مالح، ينعي لقاءاتنا ويودعها نعوش الانتظار والخيبة.

لم يعد أحد يأتي من خلف الغياب، لا ورود ولا هدايا ولا مواعيد لقاء. أرجوحة الرحيل ما عادت ترميني صدفة بين ذراعيك. أنت قاسٍ كما النسيان، وكلاكما تأبيان للقلب ارتياح. كم من شهيق بعمق الجراح يسحب الروح من الأضلاع!

الليل عندما يستضيف ذاكرتي المزدحمة بك، يطول ويطول، وتفيض الوسادة بالذكريات. أحكم قبضتي لأحتويك، فتتغلغل كرائحة القهوة ورغيف خبز شهي. فاض بعطرك الوجد، ورحل، تاركاً إياي عالقة مع حقائبك المحشوة بالفوضى. كم بداية وكم نهاية وكم من الوعود والخذلان!

ليس حباً إن كنت قادراً على التخلي، وليس إنصافاً أن نترك أمنياتنا في مهب الريح. الاشتياق قدر، فكيف نتحداه؟ كيف ندرب ذاتنا على الهجران؟ أصابنا الزهايمر لكثرة ما محونا من الصور والأشياء. ضحايا المشاعر، يطاردنا الماضي والحاضر. احترق الجناحان في منتصف المسافة بين الواقع والخيال، عالقون في العزلة، بلا جواز سفر. لا نحن باقون، ولا نحن نغادر.

(أخبار سوريا الوطن ٢-صفحة د.ريم)

مشاركة المقال: