الخميس, 25 سبتمبر 2025 10:03 PM

قانون الخدمة المدنية الجديد: هل ينجح في طمأنة الموظفين وتحقيق العدالة والكفاءة؟

قانون الخدمة المدنية الجديد: هل ينجح في طمأنة الموظفين وتحقيق العدالة والكفاءة؟

بين جدران المؤسسات الحكومية، حيث ترسبت ذكريات وآمال آلاف الموظفين، يخيم اليوم صمت يقطعه قلق بالغ، مخلفاً آثاراً نفسية عميقة. هذا الوضع الحساس يمس شريحة واسعة من المجتمع، ويعكس تخوفاً من الإخفاق. وسط هذه الأجواء، يبرز مشروع قانون "الخدمة المدنية" الجديد، الذي يُنظر إليه على أنه "نقلة نوعية" نحو الكفاءة والعدالة. فهل ينجح القانون في تهدئة هذه المخاوف وإعادة الثقة والأمل؟

وجوه خلف الأرقام

خلف هذه المخاوف، يقف موظفون يترقبون مصيرهم الوظيفي. في جولة استطلاعية لصحيفة "الحرية"، تم استعراض حالات تعكس واقع آلاف آخرين. "أحمد"، طالب الهندسة (20 عاماً)، يعبر عن خيبة أمله قائلاً: "والدي خدم الدولة خمسة عشر عاماً، واليوم يواجه خطر الفصل. كنت أرى في وظيفته الحكومية الأمان، فكيف أثق بهذا المسار الآن؟". وتضيف ع. ج: "أمضيت 18 عاماً في وظيفتي، أفنيت شبابي في التدريب والتطوير، وكل ذلك سيذهب هباءً". بينما يقول خالد (42 عاماً) بحرقة: "بعد كل هذه الخبرة التي كلفت الدولة آلافاً، أصبحت اليوم رقماً في قائمة الاستغناء". أما الموظفة مرام فتقول: "أنا وزوجي نعمل في نفس الوزارة بعقود سنوية، وإذا تم فصلنا معاً، فمن سيعيل أطفالنا الثلاثة؟". وتتساءل سارة (38 عاماً): "توفي والدي وأخي، وأنا أعمل لأعيل أسرتي. إذا تم فصلي، لا وظيفة أخرى ستستقبلني في منتصف العمر".

بعلبكي: القلق الوظيفي يتفاقم بسبب بيئة العمل غير المستقرة

الخوف من المجهول

يوضح الاختصاصي في علم النفس الاجتماعي مراد بعلبكي، في حديث لصحيفة "الحرية"، أن القلق الوظيفي يتفاقم في البيئة غير المستقرة، ما يؤدي إلى تآكل الثقة بالنفس والإحساس بالاستنزاف. ويشير إلى أن الموظف الذي أفنى شبابه في الخدمة يجد نفسه أمام تساؤلات حول قيمة جهده، ما يولد شعوراً عميقاً بالخذلان وفقدان الدافعية والإنتاجية، إضافة إلى العزلة الاجتماعية وتدهور الصحة العقلية.

اسمندر: نقطة القوة في قانون الخدمة المدنية أنه يعتمد على معايير الكفاءة المهنية

تحول نوعي

يشير الخبير الاقتصادي إيهاب اسمندر إلى أن قانون الخدمة المدنية يعد تحولاً نوعياً في التنظيم المؤسسي، من خلال إحداث تغيير جذري في الإدارة العامة. ويلفت إلى أن نقطة القوة في القانون هي اعتماده على معايير الكفاءة المهنية، ما يعني وجود قادة إداريين وكفاءات نوعية، في ظل آلية انتقاء تنافسية. كما أن سلسلة الرواتب والأجور المرتبطة بالقانون ستكون ملائمة لجذب أصحاب المقدرة المهنية، وستساعد على زيادة الإنتاجية.

تحديات.. ولكن!؟

يرى اسمندر أن التحديات التي قد تعوق تطبيق القانون هي توفير الموارد المالية اللازمة، ومقاومة التغيير، والحاجة لتأهيل واسع للموظفين الحاليين، إضافة إلى تطوير التشريعات النافذة ذات العلاقة ببيئة العمل.

تحفيز وشفافية

يشير اسمندر إلى أن تطبيق أنظمة التقييم بشكل فعلي يعزز ثقة الموظفين بمؤسستهم وإدارتها، ويحفز التميز، ويزيد وضوح المهام المطلوبة، ما يؤدي لنجاحهم في عملهم بشكل أكبر، ويحسن جودة الخدمات الحكومية، ويحقق كفاءة أعلى في ترشيد الإنفاق الحكومي.

متطلبات

يشدد اسمندر على أن التطبيق الناجح لهذه النظم يحتاج إلى وضع معايير أداء واضحة وقابلة للقياس، وتدريب المسؤولين عن التقييم، وإشراك الموظفين في عملية تطوير نظام التقييم، وربط نتائج التقييم بخطط التطوير الوظيفي والمكافآت.

العمل عن بعد

يرى اسمندر أن العمل عن بعد وربط الرواتب بالإنتاجية يمكن أن يسهم في تحسين بيئة العمل الحكومية وجذب الكفاءات الوطنية، عبر زيادة المرونة وفسح مجال أكبر للعاملين للموازنة بين العمل والحياة، وتقليل الضغط، والتركيز على الإبداع، وتخفيض التكاليف التشغيلية على المؤسسة.

خطوات

لتطبيق هذه الإستراتيجيات، يجب تطوير أنظمة قياس الإنتاجية، وتوفير درجة عالية من التطور التكنولوجي والأمن المرتبط به، وتغيير الثقافة الإدارية، والحفاظ على روح الفريق، وضمان أنظمة مكافأة عادلة وشفافة.

ترجمة إيجابية

يبقى التحدي في ترجمة هذه الوعود إلى واقع ملموس، يراعي مصلحة الموظف والمؤسسة، ويحدد حقوقهما بشكل شامل. والأمل معقود على أن يكون هذا القانون نقطة تحول تعيد للموظف السوري شعوره بالأمان والتقدير، ويزيل عنه عبء القلق والخوف من الخذلان، لمستقبل وظيفي مستقر وعادل حسب رأي بعلبكي. ويختم اسمندر قائلاً: إن تطبيق هذا القانون يعد خطوة مهمة نحو الإصلاح المؤسسي في سوريا، ولاسيما إذا تمكنت الحكومة من تنفيذه بالشكل الصحيح.

اخبار سورية الوطن 2_وكالات _الحرية

مشاركة المقال: