الثلاثاء, 23 سبتمبر 2025 03:30 PM

قرار بفصل تلاميذ الصف الأول في حمص يثير جدلاً حول التعليم واللامركزية

قرار بفصل تلاميذ الصف الأول في حمص يثير جدلاً حول التعليم واللامركزية

في خطوة أثارت استياءً واسعاً، فُصلت هند عن شقيقها التوأم، محمد، في الصف الثاني، في تجربة هي الأولى من نوعها للتوأم. الأم وقفت عاجزة عن إيجاد تفسير منطقي لهذا القرار، وعن كيفية شرحه لطفليها بأن الشيخ في مديرية التربية قرر منع اختلاط التلاميذ في هذا العمر!

سناك سوري – حمص

تلقى مديرو مدارس حمص أوامر بفصل تلاميذ المرحلة الابتدائية من الذكور عن الإناث ابتداءً من الصف الأول، الأمر الذي أحدث خللاً كبيراً في سير العملية التعليمية وفي الحياة العامة في محافظة حمص.

قبل ساعات من بدء العام الدراسي في حمص، وسط سوريا، تلقى مديرو المدارس الابتدائية أوامر عبر مجموعة الواتس آب المخصصة لهم وللموجهين التربويين من الشيخ “هشام”، المسؤول في مديرية التربية، وجاء فيها أنه: يجب فصل التلاميذ الذكور عن الإناث في المدارس، ويطبَّق القرار فوراً.

نتج عن القرار تغييرات واسعة في العملية التعليمية بمحافظة حمص، حيث قامت بعض المدارس بتحويل التلاميذ إلى دوامين: صباحي للذكور ومسائي للإناث أو العكس. في المقابل، قامت مدارس أخرى بالفصل ضمن الدوام الواحد، حيث خصصت طابقاً للذكور وآخر للإناث، وفصلت الباحات والاستراحات كي لا يحدث أي اختلاط بين الأطفال بعمر 6 سنوات.

فوضى اللامركزية أم المسؤولية؟

نظرياً، يعدّ مدير التربية هو أعلى سلطة في المحافظة، وأي قرار من هذا النوع يجب أن يصدر عنه أو عن معاونه، ويكون رسمياً موقّعاً ومسجلاً بالديوان، ويصل قبل فترة من العام الدراسي. إلا أنه بعد التحرير في 8 كانون الأول 2024 بدأت تُعتمد آليات الواتس آب في اتخاذ القرارات وعن طريق الشيوخ الذين تولوا في بداية الأمر الإشراف على المديرية بشكل علني، ومن ثم تم تعيين مدراء مؤسسات تقنيين وبقي الشيخ مشرفاً على مؤسسات الدولة ويصدر تعليماته شفهياً وهي نافذة وبمثابة قرار رسمي.

ويظهر هذا القرار أزمة المسؤوليات والصلاحيات وآليات اتخاذ القرار على مستوى المؤسسات والمحافظات. إلا أنه من جهة أخرى يظهر نوعاً من اللامركزية الإدارية حيث أن القرار صدر في محافظة حمص فقط ولم يصدر في أي محافظة أخرى ولم يصدر مركزياً من وزارة التربية. فهل هذه لامركزية أم أزمة مسوؤليات؟.

مساوئ القرار على العملية التعليمية؟

لا يعود القرار لأسباب تعليمية بتاتاً، بل هو ناجم عن أسباب عقائدية مرتبطة بنهج ديني ينتمي له الشيخ الذي أصدر القرار، والذي تنازل عن تطبيقه في منطقة وادي النصارى بمحافظة حمص لأنها ذات غالبية مسيحية. وهو ما يبين تماماً خلفيات القرار وأسبابه غير التعليمية.

الفصل الجندري المبكر بين الجنسين له نتائج سيئة توصّل لها خبراء التعليم، منها ترسيخ الفوارق الجندرية بين الأطفال، فبدل أن يتعلم الأطفال في هذا العمر أنهم زملاء متساوون، يتعلمون منع الاختلاط الذي يؤدي لترسيخ نظريات غير صحية بين الجنسين. كما أن القرار يؤثر على مهارات التواصل ويضعف قدرة الأطفال على التعامل مع بعضهم من جنسين مختلفين ويخلق حاجزاً مستداماً بينهما. وفي حالة مثل حالة سوريا غالباً سيرسخ حالة ذكورية فوقية تتغول على النساء مستقبلاً مستنداً لعوامل مجتمعية.

بالإضافة لذلك، يعزز القرار الانغلاق والانقسام المجتمعي ويضعف مبدأ المساواة ويشوّه قيم الانفتاح والتعاون لصالح نظريات الإنغلاق والفصل.

الآثار على العملية التعليمية.. إدارياً؟

تواجه سوريا أساساً أزمة تعليمية بعد 14 عاماً من الصراع ونقصاً في المعلمين والمعلمات ووسائل وأدوات التعليم والإيضاح؛ مما يجعل عمليات الفصل تؤدي إلى تشتيت الكوادر التعليمية بين المدارس ما يحدث نقصاً في الكوادر. كما أنه يؤدي لضغط الدوامين، الأمر الذي سيتسبب في إلغاء حصص الأنشطة كالرياضة والموسيقى لصالح إنهاء المناهم بسرعة. علماً أن المطالب كانت بتفعيل هذه الحصص وتنظيمها وعدم تحويلها لوقت فراغ بل لوقت تنمية مهارات فعلي في المدرسة.

الخلاصة أن هذ القرار ليس قراراً إدارياً جيداً وهو مضر للعملية التعليمية وهو تدخل أيديولوجي بالعملية التعليمية والتربية ويغير مفهوم المدرسة الابتدائية من فضاء تعلم وتفاعل اجتماعي إلى فضاء مقسم جندرياً.

حادثة مكررة؟

وتعد هذه الظاهرة الثانية من نوعها على مستوى ذات الموضوع حيث سبق وصدرت تعليمات شفهية في طرطوس بفصل الجنسين بالمدارس قبل أن يتم التراجع عن هذا التدخل وإعادة الأمور لنصابها نظراً لموجة احتجاجات الأهالي على القرار.

مشاركة المقال: