تسبب ما يعرف بـ "تنين بحري" بضرب سهل ميعار شاكر في ريف محافظة طرطوس يوم الجمعة 14 تشرين الثاني، مما أدى إلى أضرار في البيوت البلاستيكية، دون ورود أنباء عن إصابات بشرية.
أفاد مراسل عنب بلدي في طرطوس بأن هذه الظاهرة تسببت بتضرر 51 بيتًا محميًا مزروعة بالخضراوات (البندورة، الفليفلة، الباذنجان، الفاصولياء، الكوسا، والخيار)، بنسب ضرر متفاوتة تراوحت بين 15 و70%. وأضاف المراسل أن اللجان في الوحدات الإرشادية التابعة لمديرية زراعة طرطوس تعمل على حصر الأضرار رغم الظروف الجوية التي تشهدها المحافظة.
شروط لتعويض المتضررين
أوضحت نسرين رحال، رئيسة دائرة صندوق الجفاف والكوارث الطبيعية بمديرية زراعة طرطوس، لعنب بلدي، أن التعويض للمتضررين يستلزم أن تكون الأضرار "ذات طابع كارثي" (حادثة طبيعية لا يمكن منعها أو تفاديها)، وأن يتجاوز نطاق تأثيرها 5% من إجمالي المساحة المزروعة أو من المساحة المزروعة بنفس المحصول المتضرر في الوحدة الإدارية المعتمدة أو القرية أو المزرعة، حسب الحال. وأضافت أنه في حالة "التنين البحري" فقط، تخفض نسبة المساحة المتضررة إلى 1%، وأن يزيد حجم الضرر على 50% من الإنتاج المتوقع في كامل المساحة المزروعة.
ماذا تشمل التعويضات؟
ذكرت رئيسة صندوق الجفاف والكوارث الطبيعية بطرطوس أن التعويض يشمل الإنتاج الزراعي المفقود فقط، ولا يشمل أصول الإنتاج (الحديد والنايلون وغيرهما) في حالة البيوت المحمية. وأشارت إلى أن الصندوق لا يعوّض في حال حدوث الحرائق، كونها تعتبر غير طبيعية وبفعل فاعل. ويجب على المزارع الذي تضرر إنتاجه الزراعي بسبب الكوارث الطبيعية أن يمتلك تنظيمًا زراعيًا أو كشفًا حسيًا قبل تاريخ حدوث الضرر، بالإضافة إلى إرفاق ملف مصور (صور، فيديو) عن الأضرار، بحسب رحال.
آلية جديدة لعمل الصندوق
كشفت رحال عن دمج صندوق الجفاف والكوارث الطبيعية ضمن مديرية الدعم الزراعي، موضحة أنه يتم العمل على وضع آلية جديدة تتلاءم مع تغير الهيكليات الإدارية بالاستفادة من آلية عمل الصندوق، مع الأخذ بعين الاعتبار مساعدة الفلاحين "بشكلٍ يسمح لهم الاستمرار بالعمل الزراعي وتخفيف عبء الأضرار التي تلحق بهم نتيجة الكوارث الطبيعية".
يعاني مزارعو البيوت المحمية في الساحل السوري من مشكلات عدة، تتمثل في ارتفاع تكاليف الإنتاج (نايلون، بذور، أسمدة)، وتضرر المحاصيل بسبب العوامل الجوية القاسية، مثل الصقيع والأعاصير، وصعوبة تأمين الكهرباء اللازمة للتدفئة والري، بالإضافة إلى عدم الحصول على دعم حكومي مناسب أو تعويضات منطقية عن الخسائر، وكذلك منافسة البضائع المستوردة التي أدت إلى انخفاض الأسعار وضعف الجدوى الاقتصادية.
تشهد مناطق في ريف بانياس وقرى حريصون والقلوع والخراب ويحمور وسهل عكار سنويًا عواصف بحرية وهوائية شديدة تلحق خسائر بالمزارعين نظرًا إلى طبيعتها السهلية المكشوفة على البحر، وسط مطالبات قديمة بإنشاء مصدات هوائية (كأشجار السرو والصنوبر) كأبسط الحلول وأقلها تكلفة والتي لم تلقَ يومًا سبيلًا إلى آذان المعنيين.
ما التنين البحري؟
ذكر رئيس مركز التنبؤ المركزي في المديرية العامة للأرصاد الجوية، التابعة لوزارة الطوارئ وإدارة الكوارث، شادي جاويش، أن ارتفاع درجة حرارة سطح البحر يمكن أن يؤدي إلى زيادة في شدة وتكرار العواصف المدارية، إذ توفر المياه الدافئة طاقة إضافية لهذه الظواهر. وأشار جاويش، في حديث إلى عنب بلدي، إلى أن هذه التأثيرات تكون واضحة أكثر خلال فصل الخريف، وقد تمتد طيلة فصل الشتاء في بعض الأحيان ضمن شروط مناسبة، منوهًا إلى أهمية مراقبة تغيرات ارتفاع درجات حرارة سطح البحر لمعرفة تأثيرها على المناخ بشكلٍ عام.
ولفت جاويش إلى أن دول منطقة وسط وشرق المتوسط هي الأكثر تأثرًا، من ضمنها سوريا، كما أن التأثير يختلف حسب الظاهرة الجوية، مثل الشاهقة المائية (التنين البحري) التي ازدادت عدة مرات خلال السنوات الأخيرة حدة وتكرارية، واستمرت حتى بعد انتهاء فصل الشتاء.
وكان "تنين بحري" ضرب مدينة بانياس في محافظة طرطوس، في 12 من تشرين الأول الماضي، ما خلّف أضرارًا بعشرات البيوت البلاستيكية، وأدى إلى خسائر للمزارعين في ضواحي المدينة وبعض القرى المحيطة كالزللو وطيرو وحريصون، إضافة إلى اقتلاع وتكسّر بعض الأشجار وإغلاق طرقات رئيسية.
وبحسب جاويش، فإن سبب "التنين البحري" هو تأثير منخفض جوي في طبقات الجو العليا، يتزامن مع ارتفاع مؤشر الـ"SST" (درجة حرارة مياه سطح البحر). والشاهقة المائية (waterspout) أو ما يُعرف بالتنين البحري ظاهرة مناخية موجودة، لكن زيادة تكراريتها وحدتها هو المميز خلال السنوات الأخيرة، وذلك نتيجة التغير المناخي العالمي الذي أثر على معظم الظواهر الجوية، وفق رئيس مركز التنبؤ الجوي.
وتُشير التوقعات الجوية إلى فترة رطبة تشهدها سوريا تستمر حتى مساء الأحد 16 من تشرين الثاني الحالي، بحسب ما ذكره اختصاصي التأهب في دائرة الإنذار المبكر والتأهب، التابعة لوزارة الطوارئ وإدارة الكوارث السورية، مازن قره بيلو، لعنب بلدي، في وقتٍ سابق.