أثار قرار كازاخستان المفاجئ بالانضمام إلى اتفاقيات التطبيع الرسمية مع إسرائيل جدلاً واسعاً حول الأسباب والدوافع الكامنة وراء هذا الموقف، الذي جاء بعد أيام قليلة من توقيع اتفاق وقف النار في غزة. ورغم الانتقادات التي وُجهت لكازاخستان، إلا أن إسرائيل والولايات المتحدة احتفتا بهذه الخطوة التي وُصفت بـ "التاريخية".
أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب انضمام كازاخستان إلى اتفاقيات "أبراهام" خلال قمة مجموعة الدول الخمس زائد واحد في البيت الأبيض، وذلك في ختام مكالمة هاتفية ثلاثية جمعت ترامب ورئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والرئيس الكازاخستاني قاسم جومارت توكاييف. وكتب ترامب على حسابه على موقع "تروث سوشيال": "كازاخستان هي أول دولة تنضم إلى الاتفاقيات في ولايتي الثانية، وهي الأولى من بين العديد من الدول الأخرى".
تجنب توكاييف ذكر اتفاقيات إبراهيم في لقائه مع ترامب، بينما أوضح نائب الرئيس الأمريكي، جيه. دي. فانس، أن الهدف هو خلق زخم جديد للاتفاقيات. وأضاف وزير الخارجية ماركو روبيو أن الاتفاقيات لا تتعلق بإسرائيل فحسب، بل ببناء شراكة إقليمية قائمة على الرخاء والاقتصاد.
تعتبر كازاخستان من أكثر الدول نفوذاً في آسيا الوسطى، وتمتلك موارد غنية من النفط والغاز واليورانيوم، وتسكنها أغلبية مسلمة وأقلية مسيحية كبيرة. تربطها علاقات دبلوماسية مع إسرائيل منذ عام 1992، إلا أن انضمامها العلني إلى اتفاقيات إبراهام يمثل تقارباً سياسياً واقتصادياً استثنائياً.
اعتبرت مجلة "ناشونال إنترست" الأميركية إعلان انضمام كازاخستان إلى "اتفاقيات أبراهام" تطوراً غير مسبوق يمهد لتوسيع دائرة التطبيع خارج الشرق الأوسط ويعزز علاقات إسرائيل التجارية والاقتصادية مع العالم. وذكر الكاتبان غيرشوم ساكس وإميلي ميليكن أن انضمام كازاخستان قد ينقل الاتفاقيات إلى الطابع العالمي، مشيرين إلى أن ترامب سعى لإقناع دول آسيا الوسطى بالانضمام للاتفاقيات.
وأضاف المقال أن هذه الخطوة قد تدفع دولًا أخرى مثل قرغيزستان وطاجيكستان وتركمانستان وأوزبكستان إلى السير في الاتجاه ذاته، ضمن إطار مجموعة "5+1". كما أشار إلى أن واشنطن تدرس إنشاء إطار جديد باسم "مجموعة 6+2″، يضم أذربيجان وإسرائيل إلى جانب المجموعة السابقة، بهدف تعزيز التنسيق الأمني والاقتصادي وربط الممرات التجارية الإقليمية بين آسيا وأوروبا عبر الشرق الأوسط.
حذّر المقال من أن تركيا ستظل عاملاً حاسماً في أي توسع مستقبلي لاتفاقيات أبراهام، نظرًا لنفوذها الواسع في آسيا الوسطى، وقد تُعرقل المشروع ما لم تُشرك في ترتيبات المرحلة المقبلة.
في المقابل، قلّل الباحث في الشؤون العسكرية والأمنية رامي أبو زبيدة من أهمية الإعلان، واعتبره ضجة إعلامية أكبر من كونه حدثًا سياسيًا فعليًا، مشيراً إلى أن العلاقات بين كازاخستان وإسرائيل قائمة منذ نحو 30 عامًا.
وأوضح أن الهدف من الخطوة هو تعزيز رواية واشنطن وتل أبيب بأن مسار التطبيع مستمر رغم حرب غزة، وتسويق "إنجاز سياسي بلا كلفة" من خلال إعلان رمزي فقط. وأشار إلى أن كازاخستان نفسها أكدت أن ما سيُوقَّع لا يتجاوز كونه تصريحًا شكليًا.
ووقّعت إسرائيل في 14 أيلول/سبتمبر 2020، اتفاقي تطبيع للعلاقات مع الإمارات والبحرين، برعاية الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، عُرفت باسم "اتفاقات أبراهام"، وشملت المغرب.
من جانبها، أعربت حركة المقاومة الإسلامية "حماس" عن رفضها واستنكارها لإعلان كازاخستان انضمامها إلى ما يسمى "الاتفاق الإبراهيمي" وتطبيع علاقاتها مع الكيان الصهيوني، واعتبرت هذه الخطوة مرفوضة ومستنكرة.
وأكدت الحركة أن هذه الخطوة تمثل محاولة لتبييض جرائم الإبادة الجماعية التي ارتكبها الاحتلال ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، في وقت يواجه فيه الكيان عزلة دولية متزايدة.
وجددت حماس دعوتها إلى جميع الدول، خصوصاً العربية والإسلامية، لقطع كل أشكال العلاقات مع الاحتلال الإسرائيلي، وعدم الانخراط في أي مشاريع تطبيعية معه.
والسؤال هنا.. هل هذه مكافأة كازاخستان لإسرائيل على حرب غزة؟ ومن الدولة التالية؟ ومن المستفيد من فتح باب التطبيع بهذا التوقيت؟