الأحد, 5 أكتوبر 2025 09:01 PM

كتاب "ألغام غرفة الأخبار": نظرة معمقة على تحديات العمل الإعلامي ومسؤولية الكلمة

كتاب "ألغام غرفة الأخبار": نظرة معمقة على تحديات العمل الإعلامي ومسؤولية الكلمة

في عالم يشهد تسارعًا في وتيرة الأخبار وتغيرًا مستمرًا في معانيها، حيث تتحول الكلمات أحيانًا إلى أسلحة فتاكة، يبرز كتاب "ألغام غرفة الأخبار" للكاتب الصحفي آلجي حسين. يكشف الكتاب التحديات الجمة التي يواجهها العاملون في المجال الإعلامي، ويوفر فرصة للتأمل في المسؤولية الكبيرة التي تقع على عاتق الكلمة، خاصة في ظل ضغوط السلطة ومتطلبات المهنية.

صدر الكتاب، الذي نشرته دار "تعلّم" للنشر والتوزيع في العام الحالي، يتعمق في تجربة المحرر الصحفي الذي يعيش يومه وكأنه يخوض حقل ألغام، حيث يمكن لكلمة واحدة أن تتسبب في أزمة أو أن تحل مشكلة. يستعرض حسين الأهمية المهنية والأخلاقية للكلمة في أوقات الأزمات، مؤكدًا أن الكلمة قد تكون أشد خطرًا من الرصاصة إذا ما استخدمت بلا قيود أو دون حس إنساني.

يشبه الكاتب غرفة الأخبار بمسرح للصراع، حيث لا تقتصر المعركة على نقل الخبر فحسب، بل تشمل أيضًا تصفية المعلومات، ومواجهة الضغوط، وحماية الحقيقة والمصداقية في وجه التشويش، وضمان وصول الرسالة الصحيحة إلى الجمهور. يمزج الكتاب بين الاستشهادات بآراء منظري الإعلام وباحثيه، وخبرة الكاتب العملية التي تمتد لخمسة عشر عامًا في مختلف المناصب الصحفية، مما يمنحه مصداقية كبيرة وعمقًا تطبيقيًا.

يتألف الكتاب من عشرة فصول، بما في ذلك مقدمة بعنوان "هذا الكتاب لهذا"، وفصول مثل "الكلمة رصاصة في حقل ألغام"، و"الأخبار المروعة"، و"القوة الناعمة للأخبار"، و"فلسفة نظريات الإعلام"، بالإضافة إلى عناوين مبتكرة تحمل طابعًا ساخرًا وجذابًا مثل "نزّلني عاليمين معلّم"، و"النداء الأخير للمحررين". يقدم الكاتب نصائح للصحفيين حول استخدام اللغة الإعلامية البيضاء: لغة فصيحة، موجزة، غير مبالغ فيها، تسهل إيصال المعلومة بدقة ووضوح.

في مقابلة مع عنب بلدي، أوضح حسين أن تجربته الصحفية هي الدافع الرئيسي وراء تأليف الكتاب، مستعرضًا مهامه اليومية التي تتضمن متابعة الأحداث والتحقق منها، وتحرير الأخبار، والإشراف على الفرق الصحفية، وإنتاج المحتوى المرئي والرقمي. وقد جعلته هذه التجربة يدرك خطورة "زر النشر"، الذي يشبه في تأثيره "الزر النووي"، لكنه يحدث فرقًا في المعرفة والاتجاهات والسلوك.

يربط الكتاب بين غرفة الأخبار والميدان الحربي، مشيرًا إلى أن العمل الصحفي يتطلب التعامل بحذر مع الكلمات كما لو كانت ألغامًا، مع الاعتماد على حس الأمان والمهنية والإنسانية كأدوات لإزالة المخاطر. يروي حسين تجاربه الميدانية في مناطق صعبة مثل الرقة السورية، حيث شهد الجرائم والمجازر، مؤكدًا أن هذه التجارب تعزز قدرة المحرر على العطاء.

يمزج الكتاب بين أسلوبه البسيط والممتع والتجربة العملية، مع التأكيد على الدور الحيوي للإعلام في تشكيل الوعي العام، وتأثيره على السلوك وصناعة الرأي العام. يعتبر حسين أن غرف الأخبار هي المصنع الحقيقي للصحفيين، حيث تصقل مهاراتهم في الدقة والإيجاز مع الحفاظ على اللغة والمعنى، لتصبح الكلمة أداة للتأثير الإيجابي أو التحذير من السلبي.

بشكل عام، يقدم "ألغام غرفة الأخبار" رؤية شاملة حول صناعة الأخبار، وتحدياتها اليومية، وقيمة الكلمة كأداة للمسؤولية، وهو بمثابة دليل لكل صحفي في خضم تعقيدات عالم الأخبار.

مشاركة المقال: