الأربعاء, 10 سبتمبر 2025 06:44 PM

كلمة أبي بكر الصديق: بين الفناء والبقاء.. رسالة إيمان للأمة

كلمة أبي بكر الصديق: بين الفناء والبقاء.. رسالة إيمان للأمة

في لحظة الفقد الأليم برحيل الرسول الكريم ﷺ، اهتزت قلوب الصحابة وتزلزل وعي الأمة. كان رحيل النبي ﷺ، الذي أحبوه وأطاعوه، صدمة كبيرة.

في هذا الموقف، برز صوت أبي بكر الصديق، ثابتاً كالجبل، ليذكر الأمة: "من كان يعبد محمداً فإن محمداً قد مات، ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت".

هذه الكلمة ليست مجرد تذكير، بل هي إعلان فلسفي عقدي يحدد العلاقة بين الإنسان والدين، بين الرسول والرسالة، وبين المحدود واللامحدود. أراد أبو بكر الصديق أن يؤكد أن العلاقة الروحية يجب أن تكون مع الحق الأزلي، لا مع الأشخاص مهما كانت عظمتهم. فالبشر يرحلون، والله باقٍ.

تعيدنا هذه الفكرة إلى جوهر التوحيد: أن يكون الإيمان بالله وحده، لا بالأشخاص. فالإيمان الحقيقي لا يموت بموت الأنبياء، بل يستمر كطاقة حية تغذي الأجيال، شريطة أن يبقى مرتبطاً بالمطلق.

في كلمة أبي بكر الصديق تحذير: إذا حُصر الدين في شخص النبي ﷺ، فقد ينتهي بموته. أما إذا فُهم أن النبي ﷺ ما هو إلا رسول، فإن الرسالة تبقى حية وقادرة على بناء حضارة.

من هنا نفهم كيف نهض المسلمون من صدمة الفقد ليبنوا دولة امتدت على آفاق الدنيا. الأمة الإسلامية اليوم أحوج ما تكون إلى هذا التذكير: نحن لا نقدس الأشخاص، بل نؤمن بالمطلق الإلهي الذي يمنح الإنسان حريته وكرامته.

رسالة أبي بكر الصديق ليست للتاريخ فقط، بل للحاضر: لنتذكر أن الدين ليس مرتبطاً بأشخاص يتكلمون باسمه، وأن الأمة لا تنهض إلا إذا كان إيمانها بالله حياً لا يموت، وأن الثبات أمام الأزمات يبدأ بالوعي بأن البقاء للمطلق لا للزائل.

كلمة أبي بكر الصديق هي دعوة إلى تحرير الإيمان من الشخصنة، وإلى ربطه بما لا يموت، وهي دعوة إلى نضج الأمة الإسلامية لتستمد حياتها من الله الحي القيوم، لا من الرموز.

جمعة مباركة بإذن الله تعالى تقبل الله طاعتكم (موقع اخبار سوريا الوطن-1) المهندس نضال رشيد بكور

مشاركة المقال: