فتاح عيسى – كوباني
شهد موسم الفستق الحلبي في كوباني، شمالي سوريا، هذا العام انخفاضاً كبيراً في الإنتاج، نتيجة لقلة الأمطار وارتفاع درجات الحرارة والتغيرات المناخية.
أفاد خبات أحمد (30 عاماً)، وهو مزارع يمتلك 200 شجرة فستق حلبي، لنورث برس، بأن إنتاج هذا الموسم لا يتجاوز 10% مقارنة بالعام الماضي. وأوضح أن إنتاج العام الماضي من أشجاره وصل إلى حوالي 800 كيلوغرام، وتم بيعه بأكثر من ألفي دولار، بينما لا يتعدى إنتاج هذا العام 100 كيلوغرام، مما يجعله موسماً ضعيفاً للغاية.
يعزو أحمد هذا التراجع إلى ضعف هطول الأمطار، وتغير المناخ، وانخفاض منسوب المياه في الآبار الجوفية، بالإضافة إلى نقص الرطوبة اللازمة لنمو الثمار. وأضاف أن الموسم الماضي تميز بتوفر الرطوبة ومياه الري، وكذلك وجود مبيدات وأسمدة ذات نوعية جيدة، في حين لم يتمكن المزارعون هذا العام من تأمين المبيدات المناسبة بسبب الأوضاع الأمنية وإغلاق الطريق التجاري مع مدينة منبج.
عادةً ما تنتج شجرة الفستق الحلبي بشكل جيد مرة كل عامين، إلا أن أحمد لاحظ أن عدد البراعم التي من المفترض أن تعطي ثمار الموسم القادم منخفض جداً، مما ينذر بموسم ضعيف قادم أيضاً، بسبب غياب الرطوبة التي تحتاجها تلك البراعم للنمو. وأشار إلى أن منسوب المياه في الآبار الجوفية التي تُستخدم لري الأشجار قد انخفض بشكل كبير، خاصة مع ازدياد حفر الآبار الجديدة في المنطقة خلال العام الحالي.
سعر أعلى إنتاج أقل
على الرغم من تضاعف سعر كيلو الفستق الحلبي هذا العام، فإن العائد المادي للموسم الماضي كان أفضل بكثير، نظراً لقلة الإنتاج الحالي. تنتج الشجرة الواحدة في المواسم الجيدة ما بين 14 و25 كيلوغراماً، إلا أن الإنتاج في المواسم الضعيفة قد لا يتجاوز الكيلو الواحد لكل شجرة.
من جانبه، صرح مصطفى بكي (46 عاماً)، وهو مزارع من قرية بوبان بريف كوباني الغربي، لنورث برس، بأن المقارنة بين موسمي العام الحالي والماضي توضح حجم التراجع الكبير. ففي الموسم الماضي، كان يعمل في جني محصوله 20 عاملاً يومياً، وتجاوز إنتاج 150 شجرة لديه ثلاثة أطنان، بينما يقوم هذا العام بجني المحصول مع أفراد أسرته فقط، دون أن يحقق إنتاجًا يُذكر حتى الآن.
وأضاف أن الموسم الحالي تأثر بشكل كبير بارتفاع درجات الحرارة، مشيراً إلى أن إنتاجه هذا العام لم يتجاوز 400 كيلوغرام، مقارنة بثلاثة أطنان العام الماضي، على الرغم من أن شجرة الفستق عادة ما تنتج جيدًا كل عامين.
طرق مغلقة
أما سيف الدين علي (51 عاماً)، وهو تاجر فستق حلبي من كوباني، فيقول لنورث برس، إن سعر كيلو الفستق ارتفع من حوالي دولار وتسعين سنتاً العام الماضي، إلى ثلاثة دولارات وثمانين سنتاً هذا العام. وأوضح أن انخفاض الإنتاج هذا الموسم أثّر سلباً على مردود المزارعين، رغم ارتفاع الأسعار، مشيراً إلى أن إغلاق الطريق التجاري بين كوباني ومنبج أثر بشكل كبير على حركة تجارة الفستق.
ويشير إلى أن التجار باتوا يبيعون المحصول حالياً إلى منطقة سرمدا في ريف إدلب، ومن هناك يُصدر إلى دول الخليج، مثل الإمارات والسعودية. ويبيّن أن ارتفاع الأسعار مرتبط بانخفاض الإنتاج، وفق قاعدة العرض والطلب، مضيفاً أن غياب تجار منبج أدى إلى تقليص عدد المشترين، ما يمنح القلة المتبقية قدرة أكبر على التحكم بالأسعار.
ويوضح أن كيلو الفستق يباع في منبج بنحو أربعة دولارات، في حين يُشترى حالياً بثلاثة دولارات وثمانين سنتاً، مع احتساب الضرائب وأجور النقل إلى سرمدا. ويقدّر علي أن إنتاج كوباني من الفستق الحلبي في العام الماضي تجاوز 2000 طن، بينما لن يتجاوز هذا العام 200 طن فقط، متوقعاً أن تستمر حركة البيع والشراء هذا الموسم نحو 15 يومًا فقط، مقارنة بـ 45 يوماً في الموسم الماضي، بسبب ضآلة المحصول.
مصدر رزق مهدّد
يعتمد غالبية المزارعين في قرى ريف كوباني الغربي على زراعة الفستق الحلبي كمصدر رئيسي للدخل، إذ تُزرع في كل هكتار نحو 150 شجرة وسطياً. ويعتبر الفستق محصولاً أكثر مردودية من القمح والشعير، ما دفع العديد من المزارعين في السنوات الأخيرة إلى التوسع في زراعته، على حساب المحاصيل التقليدية.
ويصل إنتاج الشجرة المعمرة إلى ما بين 70 و80 كيلوغراماً، ويُنتج كل هكتار نحو أربعة أطنان سنوياً وسطياً، بحسب تقديرات المزارعين. وكانت مدينة كوباني قد سجلت طفرة في إنتاج الفستق الحلبي العام الماضي، ما شجع على توسيع المساحات المزروعة به، إلا أن الظروف المناخية، والأمنية، والتجارية التي طرأت هذا العام، وضعت هذا التوسع أمام تحديات كبيرة، وتهديدات بخسائر فادحة للمزارعين.
تحرير: معاذ الحمد