الثلاثاء, 22 يوليو 2025 08:53 AM

لبنان: هل يعكس ارتفاع عدد الوافدين انتعاشاً سياحياً حقيقياً أم مجرد عبور للمغتربين؟

لبنان: هل يعكس ارتفاع عدد الوافدين انتعاشاً سياحياً حقيقياً أم مجرد عبور للمغتربين؟

تربط جهات حكومية الازدهار الاقتصادي في لبنان بتنشيط السياحة، مع التركيز على جذب السياح القادرين على إنفاق الدولارات. ولتعزيز فكرة "النهضة الاقتصادية"، يتم التركيز على أرقام الوافدين عبر مطار بيروت الدولي، والتي تصل إلى حوالي 16 ألف وافد يومياً على متن نحو 100 رحلة، أي بمعدل طائرة تهبط كل 15 دقيقة. وقد بلغ عدد العابرين للمطار منذ بداية شهر تموز الجاري ما يقارب ربع مليون شخص. ولكن، هل تنعكس هذه الأرقام على القطاع السياحي ككل، بما في ذلك الفنادق والمطاعم ومكاتب تأجير السيارات ووكالات السفر؟

يقول نقيب أصحاب الفنادق بيار أشقر إن "الأمور تسير بطريقة عرجاء"، مشيراً إلى أن نسبة الإشغال في الفنادق في بيروت لم تتجاوز 50%، بينما يجب أن تكون في حدود 70% خلال هذا الموسم. ويؤكد أشقر أن أرقام الوافدين عبر مطار بيروت لا تعكس بالضرورة انتعاشاً في القطاع السياحي، لأن غالبية القادمين هم لبنانيون مغتربون وليسوا من دول الخليج العربي. هؤلاء الوافدون لن يقيموا في الفنادق ولن يساهموا بشكل كبير في تحريك العجلة السياحية، بل سيسكنون في مناطقهم ويصرفون أموالهم بشكل محلي ومحدود.

ويضيف أشقر أنه في عام 2010، دخل لبنان أكثر من مليوني سائح من جنسيات مختلفة، ولم يتم احتساب الجنسية اللبنانية أو السورية ضمن هذه الأعداد. أما الآن، فيتم إحصاء اللبناني والسوري ضمن أعداد السائحين.

من جهته، يتفق الأمين العام لاتحاد النقابات السياحية جان بيروتي مع أشقر بشأن أن الجنسية اللبنانية هي الأولى بين الوافدين عبر مطار بيروت. إلا أنه يبدي تفاؤلاً حذراً بإمكانية تحسن الأوضاع السياسية والأمنية، مما قد يساهم في إعادة تنشيط الحركة السياحية، بشرط أن يتحقق ذلك قريباً لأن "الوقت محدود، وما يتبقى هو أقل من شهر واحد لاستثمار الهدوء والوصول إلى خريف واعد"، على حد تعبير بيروتي.

يؤكد زياد العجوز، صاحب وكالة العجوز للسياحة والسفر، أن عدم وجود حركة سياحية عربية أو أجنبية واضح، ويصف الوضع السياسي والأمني بـ "المكهرب". ويضيف أن "أرقام مطار بيروت الدولي ليست مؤشراً على زيادة أعداد السائحين، لأن غالبية القادمين هم من المغتربين اللبنانيين، وهؤلاء معتادون على البلاد وليسوا بحاجة إلى برامج سياحية خاصة". ويشير العجوز إلى أن مكاتب السياحة والسفر لم تتأثر بأعداد القادمين إلى لبنان، ويصف حالة الرحلات السياحية الخارجية بـ "الضعيفة"، معبراً عن شعوره بأن الموسم السياحي غير واعد.

وبحسب أشقر، "لا ينشط الاغتراب اللبناني كل المناطق السياحية دفعة واحدة، بل يؤدي إلى أن تأخذ كل منطقة من حصة الأخرى". فعلى سبيل المثال، "عاد النشاط السياحي والاقتصادي إلى منطقة وسط بيروت هذا العام مع افتتاح نحو 50 مطعماً فيها، ولكن هذا النشاط جاء على حساب مناطق أخرى مثل أسواق جبيل ومدن الجبل، حيث لم تعمل المؤسسات السياحية بكامل طاقتها بسبب عدم وجود السياح العرب، وبقاء درجات الحرارة عند حدود مقبولة في بيروت، ما يعني عدم الحاجة إلى التوجه نحو الجبل".

من جهة أخرى، يرى بيروتي أن "المسابح وضعها أفضل من المطاعم والفنادق وغيرها من المؤسسات السياحية"، ويعزو السبب إلى "اعتمادها على المقيمين أكثر". ويعترض بيروتي على قرار مجلس الوزراء بفتح المدارس في بداية أيلول، معتبراً أن ذلك سيحرم المؤسسات السياحية من جزء كبير من عائداتها، لأن 20% من الاقتصاد يعتمد على القطاع السياحي.

ويقول جان عبود، نقيب أصحاب مكاتب السياحة والسفر، إن بيوت الضيافة تتقدم على الفنادق في الحجوزات. ويضيف أنه "قبل الحرب على إيران، بدأ الخليجيون بالتوافد إلى لبنان، أما الآن، فتراجعت الأعداد كثيراً". كما يؤكد عبود عدم وجود سياح أوروبيين في لبنان منذ 7 تشرين الأول عام 2023، أي منذ بداية الحرب على غزة.

وفي تعليق على أرقام الوافدين عبر مطار بيروت الدولي، يرى عبود أن غالبية القادمين هم من اللبنانيين، مع وجود أعداد قليلة من السياح العرب من الجنسيات المصرية والعراقية والأردنية، وهؤلاء لا ينفقون مبالغ كبيرة من الأموال مقارنة بالسياح الخليجيين. ويستدل عبود على ضعف الموسم السياحي من الحجوزات الفندقية، والتي لم تتجاوز نسبة 40% في أحسن الأحوال. لذا، "تراجعت التوقعات بالموسم الصيفي من خانة الممتاز وصولاً إلى خانة المقبول". فالسياحة الداخلية للبنانيين تساهم في تنشيط عدد من المؤسسات السياحية، مثل بيوت الضيافة، والتي تفوقت في حجوزاتها على حجوزات الفنادق، وفقاً لعبود. ولكن، حتى مع الحركة اللافتة صوب بيوت الضيافة، إلا أنها تعمل فقط في عطل نهاية الأسبوع، في إشارة مجدداً إلى السياحة الداخلية.

مشاركة المقال: