مقال في "فورين بوليسي" يكشف: كيف يتبنى الغرب سوريا ويتخلى عن أفغانستان؟
يتناول مقال في مجلة أميركية التناقض الصارخ في تعامل الغرب، خاصة الولايات المتحدة، مع سوريا وأفغانستان. ففي عام 2025، ورغم أن كلتيهما دولتان تعانيان من الصراعات وارتبطتا سابقًا بالتطرف الإسلامي، تحظى سوريا بتقارب دبلوماسي، بينما تبقى أفغانستان تحت حكم طالبان معزولة.
يسعى الكاتب آدم وينشتاين في "فورين بوليسي" إلى فهم أسباب هذا التباين في النهج الغربي تجاه الحكومة السورية الجديدة وحركة طالبان في أفغانستان.
يحدد المحلل السياسي ونائب مدير برنامج الشرق الأوسط في معهد كوينسي خمس نقاط رئيسية لتوضيح هذا التباين:
- إعادة تأهيل سوريا المفاجئة: رحب القادة الغربيون بالرئيس السوري الجديد أحمد الشرع، القيادي الجهادي السابق المعروف بأبي محمد الجولاني. التقى الشرع قادة عالميين، بمن فيهم الرئيسان الفرنسي إيمانويل ماكرون والأميركي دونالد ترامب، وحظي بإشادات دبلوماسية، وشهدت سوريا عودة إلى المحافل الدولية. تعهد ترامب برفع العقوبات وتطبيع العلاقات، رغم ماضي الشرع الذي يبدو أنه أعاد صياغة نفسه من جهادي إلى رجل دولة.
- تفاقم عزلة أفغانستان: أفغانستان، التي استُبعدت سابقًا من حظر السفر الذي فرضه ترامب عام 2017، أصبحت الآن جزءًا من النسخة الأحدث، بينما استُبعدت سوريا. ورغم إعرابها عن انفتاحها على الدبلوماسية، لا تزال طالبان منبوذة من القوى الغربية، خاصة بعد عودتها إلى السلطة عام 2021. تهدد هذه الخطوة الشركاء الأفغان السابقين وتُؤجج المخاوف الإنسانية.
- لماذا هذا التفاوت؟
- التاريخ والصدمة النفسية: جماعة الشرع ليست مرتبطة مباشرة بصدمة 11 سبتمبر، على عكس طالبان. دمشق لا تتحمل العبء العاطفي لخسائر القوات الأميركية في أفغانستان.
- الصورة والمنظور العام: يتناقض التحول المدروس لصورة الشرع مع الصورة السرية والمتشددة لطالبان. في سوريا، لا تزال المرأة تُشارك علنًا؛ وفي أفغانستان، حظرت طالبان تعليم الفتيات وقيدت مشاركة المرأة.
- سياسات الشتات: يُعارض الشتات الأفغاني في الغرب حركة طالبان، بينما يدفع الشتات السوري، رغم حذره، إلى مزيد من الانفتاح.
- الأهمية الإستراتيجية: تتمتع سوريا بمركز جيوسياسي مركزي، فهي تحد إسرائيل وتركيا والبحر الأبيض المتوسط، وتقع على مفترق طرق في الشرق الأوسط، وكانت تُعتبر وكيلًا لإيران ومصدرًا للاجئين إلى أوروبا، ناهيك عن وجود قواعد عسكرية لروسيا بها. أما أفغانستان، فرغم أهميتها الشعرية والتاريخية، فإن الغرب "تخلى" عنها.
- الولايات المتحدة والتحولات الدبلوماسية العالمية: بدأت فرنسا وألمانيا وروسيا التعاون مع سوريا، وبدأت الولايات المتحدة تلحق بالركب، مُعربةً عن استعدادها لتطبيع العلاقات من خلال تعيين سفير خاص وتخفيف العقوبات. يُنظر إلى الانخراط مع الشرع كحالة اختبار لمدى قدرة الدبلوماسية المبكرة على تهدئة الأنظمة.
- الدروس: اكتسبت كل من سوريا الشرع وحركة طالبان السلطة من خلال ملء فراغات حكومات فاشلة، وليس من خلال التأييد الدولي. نجح الشرع في التودد إلى الغرب، بينما لم تنجح طالبان. يمكن لطالبان أن تتعلم من براغماتية الشرع، ويجب على واشنطن أن تتبنى نهجًا متسقًا.
ختامًا، تبرز المعاملة المتباينة لسوريا وأفغانستان كيف أن الموقف الشعبي والقيمة الإستراتيجية والارتباطات التاريخية هي أساس الانخراط الغربي أكثر من الأيديولوجية أو نماذج الحكم. الغرب يراهن على المشاركة المبكرة مع سوريا كوسيلة للاستقرار، ويبقى أن يتحدد إذا ما كان هذا الرهان سيُؤتي ثماره، وإذا ما كانت أفغانستان ستظل منبوذة.