تظهر أبحاث علم النفس الاجتماعي وسلوك الجمهور أن الناس يميلون إلى التفاعل مع المحتوى السلبي أكثر من تفاعلهم مع الأخبار الإيجابية أو التصالحية. هذا الميل ليس ميلاً عارضاً بل هو انعكاس لما يعرف بـ "التحيّز السلبي" وهو ميل نفسي يجعل أدمغتنا أكثر استجابة للتهديدات والمثيرات السلبية كآلية تطورية للبقاء.
وقد أسهم هذا التحيز في تشكيل مشهد إعلامي جديد تتصدر فيه الأخبار المقلقة والإشاعات المثيرة والمعلومات الخلافية قوائم الانتشار خاصةً على منصات التواصل الاجتماعي. إذ تعمل خوارزميات هذه المنصات – المصممة لتعزيز التفاعل – على تفضيل ما يثير الغضب والخوف والجدل لأنه يحفز النقر والمشاركة أكثر من أي محتوى هادئ أو تصالحي.
في المقابل تظل الأخبار التي تحمل نبرة إيجابية أو تفتح باباً للتسامح والمصالحة في الظل حتى وإن صدرت عن مصادر موثوقة. فالمحتوى العاطفي الذي يحرك المشاعر السلبية ينتشر كالنار في الهشيم في حين تصارع الحقيقة في كثير من الأحيان لتجد من يصغي إليها.
ففي هذا العالم الرقمي المزدحم بالضوضاء لم تعد المعلومة تنتصر بجودتها بل بسرعة انتشارها وتأثيرها اللحظي. ولهذا نحتاج اليوم أكثر من أي وقت مضى إلى وعي جمعي جديد . وعي يعيد الاعتبار للكلمة الصادقة ويمنح للخير مكانته الطبيعية لا بوصفه استثناء نادراً بل بإعتباره الأصل الذي يشوهه الضجيج الرقمي.