خالد الحسين – الرقة
تكبّد مزارعو الكمون بريف الرقة خلال الموسم الزراعي الحالي خسائر كبيرة نتيجة عوامل مناخية واقتصادية، ما يثير مخاوف من تراجع الإقبال على زراعة هذا المحصول في المواسم القادمة. ويُعدّ السبب الأهم في تفضيل الكمون أن دورة حياته قصيرة، إذ تبدأ زراعته في الشهر الأول من السنة ويُحصد في مطلع الشهر الخامس.
تراجع الإنتاج
يقول المزارع أحمد اسماعيل، من قرية تل السمن بريف الرقة، إن “الإنتاج المتوقع هذا العام من دونم الكمون حوالي 30 كيلوغراماً، مقارنة مع 60 كيلوغراماً في العام الماضي”. ويضيف أن موجات الرياح القوية وفترات الجفاف أسهمت في تساقط أزهار الكمون وتلف جزء كبير من المحصول، ما أدى إلى انخفاض الإنتاج إلى النصف في بعض المناطق، وفشل الموسم في مناطق أخرى، خاصة بريف الرقة الشمالي.
ويشير إلى أن عدداً من المزارعين اضطروا لاقتلاع محاصيلهم قبل أوانها وبيعها لمربي الأغنام، في محاولة لتقليل الخسائر. ويزرع الكمون في مناطق الجزيرة السورية منذ بداية شهر كانون الثاني/ يناير حتى بداية شباط/ فبراير، وكان الإقبال على زراعته في السنوات الأخيرة جيداً، نظراً لقلة تكاليفه مقارنة بالمحاصيل الشتوية التقليدية مثل القمح والشعير والبقوليات كالفول والعدس.
ويقول المزارع الثلاثيني إن الموسم كان ضعيفاً هذا العام بسبب قلة الإنبات وعدم اكتمال النمو نتيجة الجفاف، موضحاً أن الأعشاب الضارة غطّت المحاصيل بعد سقايته، رغم محاولات إزالة هذه الأعشاب التي باءت بالفشل. ويضيف: “فات الأوان هذا العام لزراعة موسم آخر بدل الكمون لتعويض الخسارة مثل القطن أو الخضروات الصيفية”.
“تكاليف كبيرة”
تعقّد الوضع الزراعي أكثر بسبب ارتفاع أسعار مستلزمات الإنتاج، من أسمدة ومبيدات ووقود وأجور عمال، حيث يقول جمعة السالم، خبير وأحد مزارعي منطقة بئر حمود الجربوع، بريف الرقة لنورث برس: “كنا نعتمد على الكمون كمصدر رئيسي للدخل، لكننا هذا العام بالكاد تمكنا من تغطية تكاليف الزراعة، فالتكاليف كبيرة والغلة قليلة”.
ويضيف: أن “تكلفة الدونم الواحد تصل إلى نحو 100 دولار أميركي، موزعة على عمليات تجهيز الأرض والحراثة (15 دولاراً)، والبذار (28 دولاراً)، إلى جانب تكاليف المبيدات وأجور اليد العاملة للتعشيب والحصاد. ويشير إلى أن العوامل الجوية والتربة لها تأثير كبير على نجاح موسم الكمون، مبيناً أن الكمون نبات حساس للتغيرات المناخية، حيث تؤدي الرطوبة العالية إلى تعفنه، فيما تسبب درجات الحرارة المرتفعة ما يعرف محلياً بـ”اللفحة”. كما أن الأمراض الفطرية التي تصيب الجذور والنبات لها أثر سلبي كبير على الإنتاج.
ويعزو “السالم” سبب تضرر بعض نباتات الكمون في حقله إلى الأمطار الغزيرة التي هطلت الأسبوع الماضي، موضحاً أن النباتات قد “ضُربت” بسبب العاصفة المطرية ويناشد المزارع الخمسيني الجهات المعنية تقديم تعويضات مالية للمزارعين المتضررين هذا العام، دعماً لاستمرار زراعة الكمون ورفد السوق المحلية بهذه المادة.
وتعد زراعة الكمون من الزراعات العطرية الحديثة نسبياً في المنطقة، حيث اتجه إليها الفلاحون في السنوات الأخيرة بدلاً من المحاصيل الشتوية التقليدية كالقمح والشعير، نظراً لقصر مدة نموها وانخفاض تكاليفها نسبياً.
تحرير: خلف معو