الثلاثاء, 24 يونيو 2025 12:30 AM

مستقبل استاد "العباسيين" في دمشق: من صرح رياضي إلى مشروع استثماري متعدد الأوجه

مستقبل استاد "العباسيين" في دمشق: من صرح رياضي إلى مشروع استثماري متعدد الأوجه

كان استاد "العباسيين" في العاصمة السورية، قبل توقف الهتافات في مدرجاته، رمزًا رياضيًا بارزًا وموطنًا للمنتخب الوطني وأندية الدوري الممتاز. لكن مع تصاعد حدة الحرب، فقد الملعب دوره الرياضي وتحول إلى ثكنة عسكرية، مما أبعده عن المشهد الكروي لأكثر من عقد. وعلى الرغم من المحاولات العديدة لإعادة تأهيله، لا يزال استاد "العباسيين" خارج الخدمة، في ظل تحول في رؤية وزارة الرياضة من فكرة "الترميم الرياضي" إلى مشروع استثماري أوسع قد يعيد إحياء الموقع، ولكن بصورة مختلفة.

أرضية متضررة وخارج التصنيفات الدولية

أوضح المنسق الإعلامي في وزارة الرياضة والشباب، ناصر الخطيب، أن الأضرار التي لحقت بالاستاد لم تكن طفيفة، حيث قال لعنب بلدي: "أرضية الملعب لم تعد صالحة لأي نشاط رياضي، والبنية التحتية تضررت بالكامل"، مشيرًا إلى أنه استُخدم كثكنة عسكرية خلال سنوات الحرب، مما زاد من تفاقم وضعه. وقد استعانت الوزارة بخبراء محليين ودوليين لتقييم الملعب بشكل شامل، وأظهرت الدراسات أنه لم يعد يستوفي الحد الأدنى من المعايير المطلوبة لاستضافة المباريات تحت مظلة الاتحادات الدولية، مما أدى إلى استبعاده من قائمة الملاعب المؤهلة حاليًا.

من الملعب إلى "مشروع متعدد"

في ظل نقص التمويل الكافي، تتبنى الوزارة حاليًا تصورًا جديدًا يعتمد على تحويل الملعب إلى منشأة متعددة الوظائف، لا تقتصر على الرياضة فحسب، بل تشمل أيضًا جوانب تجارية وثقافية. وأشار الخطيب إلى أن هذا التحول سيتم بالشراكة مع القطاع الخاص، من خلال نماذج استثمارية مثل "BOT" و"PPP"، ومن المفترض أن يضمن الحفاظ على الملكية العامة للموقع وتحقيق عائد مجتمعي واقتصادي. ويبدو أن المشروع لا يهدف فقط إلى إحياء الملعب، بل إلى إعادة تعريفه كمرفق يخدم العاصمة من جوانب متعددة، على أن يتم تحديد تفاصيله لاحقًا ضمن دفتر شروط سيتم طرحه للمستثمرين.

بعد حل الاتحاد الرياضي العام وإلحاق مهامه بوزارة الرياضة والشباب، أصبحت الوزارة هي الجهة الوحيدة المخولة بإدارة ملفات المنشآت الرياضية، بما في ذلك استاد "العباسيين"، مما يعني أن أي قرار بشأن مستقبله، سواء كان التأهيل أو الاستثمار، يعود مباشرة إلى الوزارة دون أي طرف وسيط.

لا موعد ولا خطة

إن موقع استاد "العباسيين" المركزي وتاريخه الممتد منذ عام 1957، يجعلان منه ملفًا مفتوحًا أمام الأفكار المستقبلية التي قد تسمح باستثمار بعض مكوناته في مشاريع رياضية مرافقة أو بديلة. وكانت عنب بلدي قد رصدت في تقارير سابقة وضع المنشآت الرياضية في العاصمة، ووصفت في أحدها محاولات ترميم ملعب "تشرين" بأنها "جهود محدودة تفتقر إلى رؤية استراتيجية"، وهو ما قد ينطبق على استاد "العباسيين" إذا لم تتحول الخطط إلى تنفيذ عملي. وحتى الآن، لا يوجد موعد محدد لبدء تنفيذ أي مشروع يتعلق بالاستاد، حيث لا تزال الوزارة في مرحلة الإعداد والدراسة. وإذا تم التعاقد مع شركاء استثماريين، فقد يشهد الملعب تحولًا جديدًا يعيده إلى الواجهة، وإن لم يكن بالصورة الكروية التي كان عليها سابقًا.

في ظل غياب منشآت رياضية مؤهلة دوليًا في دمشق، يبقى استاد "العباسيين" ذاكرة رياضية معلقة، وفرصة مؤجلة في انتظار من يطلق صافرة بداية جديدة، لا تعيد فقط النشاط إلى ملعب مهجور، بل تعيد للرياضة السورية شيئًا من ماضيها.

مشاركة المقال: