الإثنين, 3 نوفمبر 2025 02:21 PM

مصير رجال الأسد في لبنان: هل تسلم بيروت المطلوبين إلى دمشق؟

مصير رجال الأسد في لبنان: هل تسلم بيروت المطلوبين إلى دمشق؟

عنب بلدي – محمد كاخي

بعد سقوط نظام الرئيس السوري السابق، بشار الأسد، تعددت التساؤلات حول مصير الضباط والمسؤولين في حكومته. البعض فر إلى روسيا قبل دخول قوات المعارضة إلى دمشق، بينما لجأ آخرون إلى مناطقهم الأصلية في الساحل السوري، ومن ثم هربوا إلى لبنان عبر المنافذ الشرعية وغير الشرعية.

في 28 كانون الأول 2024، نقلت وكالة "رويترز" أن العديد من المسؤولين والضباط في نظام الأسد السابق قد فروا إلى لبنان، ومن بين أبرز هذه الأسماء رفعت الأسد، المتهم بارتكاب مجزرة حماة، وبثينة شعبان، المستشارة السياسية للرئيس السابق، وعلي مملوك، الذي يوصف بأنه "الصندوق الأسود" لآل الأسد.

وفي وقت لاحق، نشرت قناة "CNN" الأمريكية تسجيلًا مصورًا سريًا يظهر اللواء بسام الحسن، الرئيس السابق لأركان قوات "الدفاع الوطني"، في شقة في بيروت. وأفاد مصدر محلي في لبنان، فضل عدم الكشف عن هويته لأسباب أمنية، لعنب بلدي، بأنه شاهد العميد السابق في جيش النظام السوري السابق، غياث دلة، في أحد مطاعم لبنان، يتحرك بحرية في المنطقة.

وفي 13 كانون الثاني الماضي، أمرت النيابة العامة التمييزية في لبنان بالإفراج عن 18 ضابطًا وعنصرًا من "الفرقة الرابعة"، كانوا قد أوقفوا في لبنان بعد سقوط نظام الأسد. وأوضح المحامي اللبناني نبيل الحلبي لعنب بلدي أن السلطات اللبنانية بررت قرار الإفراج بعدم وجود سند قانوني لتوقيفهم، وطالبتهم بمغادرة لبنان، لكنها لم تتابع هذا الطلب أو تلزمهم بالمغادرة حتى الآن.

لم تتخذ السلطات اللبنانية أي خطوات رسمية للتعاون مع الحكومة السورية الجديدة في ملف تسليم مجرمي الحرب من الضباط والعناصر الذين فروا إلى لبنان. كما نفت لبنان سابقًا وجود علي مملوك على أراضيها، في حين أكدت صحيفة "نيويورك تايمز"، نقلًا عن مسؤولين أمريكيين، وجوده هناك.

هل يسلم لبنان المجرمين؟

مع تزايد الزيارات الرسمية بين لبنان وسوريا، وبعد تعيين لبنان سفيرًا له في سوريا، كشفت مصادر سورية لـ"سكاي نيوز عربية" عن تواصل الحكومة السورية مع لبنان لتسليم بعض العسكريين الذين فروا إليها بعد سقوط النظام. وأكدت المصادر أن "جهات حكومية سورية أبلغت الجانب اللبناني بضرورة التعاون في ملف تسليم عدد من ضباط وعناصر الجيش السوري السابق المتهمين بجرائم حرب".

وأشار المحامي اللبناني نبيل الحلبي لعنب بلدي إلى أن وزارة العدل اللبنانية تعمل على صياغة اتفاقية جديدة لتسليم المجرمين بين البلدين، موضحًا أن هناك اتفاقية قديمة مجمدة بسبب عدم التوازن فيها. وأضاف أن لبنان ملزم، بموجب اتفاقية "مناهضة التعذيب"، بعدم التسليم القسري للموقوفين إلى بلدهم إذا كانت هناك مخاطر جدية بتعرضهم للتعذيب. ومع ذلك، قامت السلطات اللبنانية سابقًا بتسليم مطلوبين إلى دول تعرضوا فيها للتعذيب والتصفية، رغم رفضهم المغادرة ومناشدات المنظمات الحقوقية.

"الجنائية الدولية" أو المحاكمة داخل لبنان

أوضح الدكتور في القانون الدولي محمد زيدان لعنب بلدي أنه لا يمكن إحالة الملف إلى المحكمة الجنائية الدولية لأن سوريا ولبنان ليستا موقعتين على "ميثاق روما" المؤسس للمحكمة. ومع ذلك، يمكن لمجلس الأمن التدخل لإحالة الملف إلى المحكمة، لكن هذا يتطلب موافقة الأعضاء الدائمين وعدم استخدام حق النقض.

ويرى الباحث في مركز "الحوار السوري" نورس العبد الله أن الخيار البديل هو محاكمة المتهمين في لبنان، وهو أمر صعب بسبب الوضع الداخلي اللبناني وعدم تبني القانون اللبناني لمبدأ "الاختصاص الجنائي العالمي". أما الخيار الثاني فهو تسليم أخطر المجرمين لدول أخرى تنظر في دعاوى جنائية بحقهم، مثل مذكرة التوقيف التي أصدرها القضاء الفرنسي بحق علي مملوك. ويرى الخبراء أن انضمام سوريا إلى محكمة الجنايات الدولية يمكن أن يضغط على لبنان في قضية التسليم.

البعد السياسي حاضر في الملف بقوة، فمع استكمال متطلبات الملفات القانونية، يأتي دور الدول التي تستطيع التأثير في لبنان كفرنسا والسعودية، ومع وجود تغيرات في المشهد اللبناني الداخلي، يمكن أن يكون هناك تقدم في ملف تسليم ضباط ورجال الأسد.

نورس العبد الله

باحث في مركز "الحوار السوري"

الخيار المباشر هو الحل

يمكن للسلطات اللبنانية الامتناع عن تسليم المطلوبين لأسباب إنسانية، لكن موقفها سيبدو ضعيفًا إذا تذرعت بأن سوريا لن توفر محاكمات عادلة أو أنهم قد يتعرضون للتعذيب، طالما أن لبنان لا يتبنى مبدأ "الاختصاص الجنائي العالمي".

ويرى نورس العبد الله أن "الخيار المباشر" هو الحل، من خلال المطالبات المستمرة بتسليم المجرمين المرتبطين بنظام الأسد إلى الدولة السورية استنادًا إلى الاتفاقيات الثنائية، بالإضافة إلى الضغط السياسي عبر الدول التي تستطيع التأثير في لبنان، كفرنسا والسعودية، ووجود تغيرات في المشهد اللبناني الداخلي. وأوضح نبيل الحلبي أن "النيابة العامة التمييزية" هي الجهة المخولة بالنظر في طلبات التسليم، وتقوم بتحليلها ثم تحيلها إلى مجلس الوزراء لاتخاذ القرار النهائي.

مشاركة المقال: