الخميس, 28 أغسطس 2025 01:34 AM

معرض دمشق الدولي الـ 62: نافذة الاستثمار والدبلوماسية لسوريا الجديدة

معرض دمشق الدولي الـ 62: نافذة الاستثمار والدبلوماسية لسوريا الجديدة

مع انطلاق فعاليات الدورة الثانية والستين من معرض دمشق الدولي، تستعيد العاصمة دمشق مكانتها كمركز إقليمي ودولي، مستضيفةً أحد أعرق الفعاليات الاقتصادية في منطقة الشرق الأوسط. هذه الدورة تتجاوز البعد الاقتصادي والتجاري لتصبح حدثًا سياسيًا هامًا، يعكس التحولات العميقة التي تشهدها البلاد في ظل الإدارة الجديدة، وذلك بعد سقوط النظام السابق، وما يتبعه من إعادة تشكيل المشهدين الداخلي والخارجي.

إن أعداد الشركات والدول المشاركة في المعرض تعكس بوضوح الرغبة في العودة إلى السوق السورية، وتؤكد أن دمشق قد بدأت بالفعل في كسر العزلة السياسية والاقتصادية التي عانت منها لسنوات. ويعد حضور هذه الشركات، خاصةً من دول عربية مثل السعودية والأردن ومصر وقطر، بالإضافة إلى دول إقليمية وأوروبية، بمثابة رسالة مفادها أن سوريا أصبحت بيئة جاذبة للاستثمار، وأن المجتمع الدولي ينظر إلى المعرض كمنصة عملية للتعاون والانفتاح.

تكتسب الدورة الحالية أهمية خاصة لكونها الأولى بعد التغيير السياسي الكبير في سوريا. فالمعرض لم يعد مجرد فعالية اقتصادية أو ثقافية، بل تحول إلى منصة لإعلان مرحلة جديدة في تاريخ سوريا، تعرّف نفسها للعالم بشعار ومضمون جديدين، بهدف إعادة تأكيد مكانة المعرض كأحد أبرز الفعاليات الاقتصادية والثقافية في المنطقة، وإبراز قدرة سوريا على استعادة دورها كجسر يربط الشرق بالغرب والشمال بالجنوب.

لم يكن اختيار شعار الدورة "التحرر والانفتاح" عشوائيًا، بل يعكس توجهات الإدارة السورية الجديدة. هذا الشعار يحمل رسائل متعددة، منها التحرر من الماضي بكل ما فيه من إرث سياسي واقتصادي أثقل كاهل البلاد، والانفتاح على المحيط العربي والإقليمي والدولي بروح جديدة، وتقديم رؤية بديلة لسوريا، تقوم على الشفافية والتجديد والانفتاح الاقتصادي والثقافي. المعرض يمثل إعلانًا سياسيًا واضحًا بأن سوريا تدخل عهدًا جديدًا يتجاوز النظام السابق، ويعتمد على مقومات قوة داخلية وانفتاح خارجي متوازن.

وفي هذا السياق، لن يكون المعرض مجرد تجمع تجاري، بل سيحمل رسائل سياسية يمكن تلخيصها في إعادة تأهيل صورة سوريا على المستوى الدولي، من خلال عرض بيئة اقتصادية نشطة تسعى لإقناع المستثمرين بأن سوريا عادت لتكون وجهة آمنة ومربحة. كما يهدف المعرض إلى كسر الحصار السياسي والاقتصادي، من خلال مشاركة عربية ودولية واسعة، تُظهر أن المقاطعة التي فُرضت على دمشق لم تعد قائمة، بالإضافة إلى إقامة تحالفات اقتصادية جديدة، خصوصًا مع السعودية كضيف شرف، وهو ما يعكس مستوى متقدمًا من التقارب العربي – السوري في المرحلة الراهنة، وترسيخ هوية "سوريا الجديدة".

يمكن القول إن الدورة 62 من معرض دمشق الدولي قد تجاوزت كونها حدثًا اقتصاديًا، لتتحول إلى رسالة سياسية كبرى موجهة للعالم، مفادها أن سوريا تدخل مرحلة جديدة من تاريخها، عنوانها "التحرر والانفتاح". إنها رسالة تطمئن الداخل، وتخاطب الخارج، وتؤسس لرؤية استراتيجية تجعل من الاقتصاد والثقافة والسياسة أدوات متكاملة لإعادة تموضع سوريا على الخريطة الإقليمية والدولية.

الوطن الوسوم

مشاركة المقال: