الثلاثاء, 12 أغسطس 2025 05:11 PM

مقابل تخفيف العقوبات: واشنطن تعرض على سوريا ترسيم الحدود مع لبنان

مقابل تخفيف العقوبات: واشنطن تعرض على سوريا ترسيم الحدود مع لبنان

في تطور دبلوماسي لافت، كشفت مصادر سورية مطلعة عن مبادرة أمريكية تتضمن عرضًا بتخفيف إضافي للعقوبات المفروضة على سوريا، وذلك مقابل التوصل إلى اتفاق رسمي لترسيم الحدود البرية والبحرية مع لبنان. هذه الخطوة قد تسهم في إعادة تشكيل المشهد الأمني والسياسي على جانبي الحدود.

المبادرة، التي تحظى بدعم فرنسي وأممي، تهدف إلى ضبط الفوضى الأمنية المنتشرة في مناطق مثل شمال البقاع ووادي خالد وسلسلة جبال لبنان الشرقية. هذه المناطق كانت مسرحًا لنشاطات التهريب والأسلحة والمخدرات، مما يحد من سيادة الدولتين على أراضيهما.

وتقترح واشنطن الاعتماد على خرائط الانتداب الفرنسي لعام 1933 والسجلات العقارية التاريخية كأساس لعملية الترسيم. بالإضافة إلى ذلك، تتضمن المبادرة إنشاء بنية تحتية متكاملة تشمل أبراج مراقبة ومراكز جمركية حديثة، ونشر وحدات من الجيش اللبناني في نقاط التماس.

وبحسب الخبير السياسي نعمان أبو ردن، فإن العرض الأمريكي لا يقتصر على البُعد الأمني، بل يهدف أيضًا إلى تقليص نفوذ إيران وحلفائها على الحدود، خاصة بعد أن تحولت هذه المناطق إلى معابر تهريب استراتيجية تشكل مصدر قلق إقليمي ودولي.

ويضيف أبو ردن أن استخدام العقوبات كأداة تحفيز، وليس فقط للضغط، يعكس تحولًا في الاستراتيجية الأمريكية، مع التركيز على الحلول التفاوضية والمشاريع التنموية لخلق قبول شعبي على الأرض، خاصة لدى سكان المناطق الحدودية المتضررة.

ويرى المحلل صفوان القدسي أن تردد دمشق في التعاطي مع هذه المبادرة يعود إلى مخاوف من فقدان أوراق ضغط داخل الساحة اللبنانية، خاصة في منطقة البقاع الحيوية، بالإضافة إلى القلق من فتح ملفات سياسية حساسة مثل عودة اللاجئين والمفقودين.

ومع ذلك، فإن الإغراء بتخفيف العقوبات وتوفير دعم دولي للبنية التحتية قد يدفع دمشق إلى التجاوب، بشرط الحفاظ على دورها في رسم المشهد الحدودي الجديد، وفقًا لتقديرات الخبراء.

وتشمل المبادرة تشكيل لجنة ثلاثية من سوريا ولبنان والأمم المتحدة للإشراف على الترسيم، باستخدام خرائط رقمية محدثة وسجلات تاريخية. كما تقترح تسريع عودة اللاجئين السوريين من المناطق الحدودية وتسوية ملف المفقودين، مما يمنحها أبعادًا إنسانية بالإضافة إلى أبعادها الأمنية والسياسية.

على الرغم من وضوح الخطة، فإن التنفيذ يتطلب تمويلًا دوليًا كبيرًا وإرادة سياسية من الطرفين، بالإضافة إلى ضغط دبلوماسي مستمر لضمان التزام بيروت ودمشق بالاتفاق. ويؤكد مراقبون أن أي فشل في هذه المبادرة سيعني استمرار التهريب وعرقلة جهود التعافي الاقتصادي في البلدين.

في ظل تغير المزاج الإقليمي وظهور رغبة عربية في إعادة دمج سوريا في محيطها، قد تمثل هذه المبادرة فرصة نادرة لإعادة بناء الثقة بين دمشق وبيروت، وفتح الباب لتعاون اقتصادي وأمني طويل الأمد. لكن نجاحها يعتمد على قدرة الأطراف على الموازنة بين المصالح السياسية والاحتياجات الأمنية والتنموية.

مشاركة المقال: