تعاملت وسائل إعلام عربية وغربية خلال السنوات الأخيرة مع متهمين بالانتماء إلى جماعات مسلحة أو تنظيمات مصنفة "إرهابية"، كفرصة نادرة لتحقيق مكاسب أو سبق صحفي عبر لقاءات حصرية تشبه الاعترافات. هذا النهج يشكل انتهاكًا للمعايير المهنية والقانونية.
في سوريا، تكررت الظاهرة بعد عام 2011، عبر مقابلات لناشطين إعلاميين مع أشخاص متهمين بجرائم، بطريقة تشبه عملية استنطاق تخالف المعايير المهنية. يتذكر السوريون كيف استخدم نظام الأسد التلفزيون كمنصة للتلاعب بالرأي العام، وإجبار معتقلين على الإقرار باعترافات تخدم الرواية الرسمية. مثال على ذلك إجبار الشيخ أحمد الصياصنة على الإدلاء باعترافات قسرية تحت التهديد.
لا تهدف هذه المقارنة إلى المساواة بين ممارسات النظام وما يجري اليوم، ولكن وفق المعايير المهنية، قد يتورط صحفيون أو وسائل إعلام في انتهاكات تتعلق بـ"تكنيك" المقابلات. هذه المقابلات، في كثير من الحالات، تغذي نزعات الانتقام والتشفي، طالما أنها تتم خارج إطار القانون.
شاهد الجمهور مثل هذه المقابلات على قنوات غربية مثل "سي بي إس" و"فوكس" و"سكاي نيوز" و"فايس نيوز تونايت"، وقنوات عربية مثل "الآن" و"العربية" وقنوات عراقية، خلال الحرب على تنظيم "الدولة الإسلامية". مثال صارخ على ذلك ما قاله مراسل "سي بي سي" في العراق، حول إعداد المقابلات، إذ كشف عن أن ضابطًا عراقيًا هدد بقتل سجين من "داعش" إذا لم يدلِ بالحقيقة.
لذا، يجب اتباع قواعد مهنية لإجراء مقابلات مع المتهمين، منها:
- عدم إجبار المتهم على إجراء اللقاء.
- طلب لقاء منفردًا مع المتهم، وسؤاله عما إذا كان يجري المقابلة بالإجبار أم بإرادته.
- طلب ابتعاد الحراس ورجال الأمن عن مكان المقابلة.
- عدم السماح لرجل أمن أو مسؤول سجن بطرح أسئلة بدلًا من الصحفي.
- التأكد من قانونية المقابلة وفق مدونة السلوك والقواعد المهنية.
- التأكد من أن القوانين المحلية والدولية تتيح إجراء المقابلة.
- تذكر أن الحقيقة، مدعومة بالممارسات المهنية الفضلى، هي الأولوية وليست السبق الصحفي.
الالتزام بالمعايير المهنية والشروط القانونية لا يعني ضياع فرصة تحقيق إنجاز مهني. حتى لو وفرت الإجراءات المهنية الصحيحة فرصة لتهرب المتهمين من الاعتراف، يستطيع الصحفي تفنيد هذه الادعاءات بطرق مشروعة، والعودة إلى مسؤولين ومتخصصين للكشف عن الحقيقة. في النهاية، تبقى المسألة مرهونة بموقف السلطة القضائية والمحاكم.